حول الانتخابات الفنزويلية

كتبت. غاده عيد
في الخامس والعشرين من مايو لعام 2025، خاضت فنزويلا انتخابات تشريعية وإقليمية بالغة الأهمية.
حيث أدلى المواطنون بأصواتهم لاختيار ممثليهم في الجمعية الوطنية، وحكام الولايات، بالإضافة إلى المجالس البلدية.
هذه الانتخابات جاءت في ظل تعزيز الائتلاف الحاكم المعروف بـ”تحالف القطب الوطني العظيم” بقيادة الحزب الاشتراكي الموحد، وسط مقاطعة لافتة من بعض أطياف المعارضة السياسية.
وتميزت العملية الانتخابية بتنظيم عالي وتنافس كبير بين آلاف المرشحين من مختلف الانتماءات السياسية.
نتائج الانتخابات: انتصار واضح ونموذج متقدم للعملية الانتخابية
حقق “تحالف القطب الوطني العظيم” فوزًا باهرًا، حيث حصل على أكثر من 83% من أصوات الناخبين، بما يعادل نحو خمسة ملايين صوت، مما مكنه من الاحتفاظ بالأغلبية المطلقة في البرلمان المكون من 285 عضواً.
في المقابل، حصد التحالف الديمقراطي المعارض نسبة 6% تقريباً، تلاه تحالف “UNTC-Única” بنسبة 5%، وتحالف “قوة الجوار” بنسبة أقل من 3%. ووزعت الأصوات المتبقية بين أحزاب وفصائل سياسية صغيرة.
على صعيد حكام الولايات، تمكن الحزب الاشتراكي الموحد من الفوز في 23 من أصل 24 ولاية، مع استثناء ولاية كوخيديس.
كما استعاد الحزب مناطق كانت بيد المعارضة في الانتخابات السابقة،
مثل باريناس ونويبا إسبارتا وسوليا، وهي ولايات ذات أهمية استراتيجية واقتصادية، خصوصًا بسبب ثرواتها النفطية. في المقابل، اقتصرت مكاسب المعارضة على ولاية واحدة فقط.
تميزت هذه الانتخابات بمشاركة واسعة شملت 54 حزبًا ومنظمة سياسية، وتنافس فيها أكثر من 6,000 مرشح.
كما شهدت عملية الإشراف وجود حوالي 400 مراقب دولي، ممن دُعوا من عدة جهات سياسية، وشمل الوفد مراقبين من برلمانات إفريقية ومنظمة تنمية جنوب أفريقيا.
وقد زار المراقبون مراكز الاقتراع وتفقدوا التجهيزات التقنية، ما أظهر شفافية واحترافية عالية للعملية،
التي تميزت أيضًا بانعدام الطوابير الطويلة، مما يعكس سلاسة تنظيمية رغم كثافة الإقبال.
ردود الفعل المحلية والدولية: تأكيد على الشرعية والتطلعات
أشاد الرئيس نيكولاس مادورو بنتائج الانتخابات، معتبراً إياها تعبيرًا حقيقيًا عن إرادة الشعب الفنزويلي، ودليلاً على ثبات الديمقراطية الوطنية.
أكد في كلمته أمام المجلس الوطني للانتخابات أن الفوز يعزز شرعية الدولة ويؤسس لاستقرار سياسي مستدام.
وأكد أن العملية الانتخابية كانت شفافة وحرة، على الرغم من الضغوط الدولية.
أكد نائب الرئيس ديلسي رودريغيز أن هذه النتائج تعكس دعم المواطنين لمسار الثورة البوليفارية،
وتُبرز تمسك فنزويلا بسيادتها الوطنية، مشدداً على أن الرسالة وصلت بوضوح إلى المجتمع الدولي.
وأشار الأمين العام للحزب الاشتراكي الموحد إلى أن الانتخابات جاءت نصراً للشعب الذي اختار السلام والاستقرار.
مشيداً بالدور النسائي البارز في الحزب من خلال فوز خمس حكومات بقيادة نساء، وبالجهود الأمنية التي قامت بها القوات المسلحة الوطنية البوليفارية لضمان سلامة العملية الانتخابية
تسعى القيادة الفنزويلية إلى تطوير مشروع “الدولة الاجتماعية الديمقراطية”، الذي يرتكز على تعزيز العدالة الاجتماعية.
ودعم الفئات الهشة، وتقليل الاعتماد على الاستيراد من خلال تنمية الإنتاج المحلي.
إضافة إلى تعزيز السيادة الوطنية عبر بناء بنية تحتية اقتصادية واجتماعية قوية. كما تُعطي الحكومة أهمية كبرى للخدمات الأساسية كالصحة والتعليم والإسكان.
وتوسيع نطاق الديمقراطية التشاركية عبر إشراك المواطنين في اتخاذ القرار على المستويات المحلية.
اشادات من عدة جهات
على المستوى الدولي، تلقت الانتخابات إشادات من عدة جهات، فقد بعث الرئيس الكوبي ميغيل دياز كانيل برسالة تهنئة لنظيره الفنزويلي.
وقدمت حركة هوتوسيانو للاستقلال الوطني في بورتوريكو التهنئة للقيادة الفنزويلية على نجاح الانتخابات، مؤكدة سلاسة سيرها.
كما أشادت وزارة الخارجية الروسية بتنظيم الانتخابات واظهار الشفافيه، مشيرة إلى أن الإجراءات الأمنية التي شملت التحقق البيومتري من هوية الناخبين أسهمت في منع أي محاولات للتزوير.
هذه المواقف الدولية تعكس تقديراً متزايداً للدور الذي تلعبه فنزويلا، في الدفاع عن مبادئ السيادة الوطنية ورفض التدخل الخارجي.
كما تبرز قوة النظام السياسي الفنزويلي واستقراره في مواجهة التحديات الجيوسياسية.
في ضوء المراقبة الدولية والمحلية التي رافقت سير الانتخابات، هذه الاستحقاقات التشريعية
والإقليمية محطة مهمة في تعزيز الاستقرار السياسي وترسيخ المؤسسات الديمقراطية في فنزويلا.
ورغم الظروف الاقتصادية الصعبة ومقاطعة بعض أطياف المعارضة، أثبت الشعب الفنزويلي التزامه بمسيرة الديمقراطية وسيادته الوطنية،
مع تطلعات واضحة لتحقيق الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية التي تلبي طموحات المواطنين.
وتؤسس لبناء دولة قوية ومستقلة ترتكز على مشاركة شعبية حقيقية.