مقالات

خيوط اللعبه

خيوط اللعبه،،،

بقلم فاروق العوامرى،،

الحقيقة أن أي ضربة إسرائيلية لدولة عربية، سواء كانت قريبة أو بعيدة، لا يمكن أن تُفهم بمعزل عن مصر. فمصر ليست مجرد دولة في المنطقة، بل هي الرقم الصعب والوزن الأكبر، سواء في حسابات إسرائيل أو في حسابات المجتمع الدولي.

 

قد يظن البعض أن ما جرى بعيد عن مصر، وأن الاستهداف لقطر أو تونس لا يمس القاهرة بشكل مباشر. لكن القراءة الأعمق تكشف أن هذه الضربات تحمل في طياتها رسائل غير معلنة لمصر أيضًا. إسرائيل تعرف أن مصر هي الدولة الوحيدة القادرة على أن تكون حجر عثرة أمام مخططاتها، وهي تعلم أن مصر بحكم موقعها، تاريخها، وجيشها، لا يمكن تجاوزها أو تهميشها. لذلك فكل خطوة عدوانية على دولة عربية هي بالضرورة جس نبض لمصر: هل ستكتفي بالمراقبة؟ هل ستكتفي بالتصريحات؟ أم أنها ستتحرك سياسيًا أو دبلوماسيًا لتعيد التوازن؟

 

من زاوية أخرى، يمكن القول إن هذه الأحداث قد تعود على مصر بالإيجاب من حيث تعزيز مكانتها كقوة إقليمية. فحين يضعف الآخرون أو يُستهدفون، تبقى مصر الدولة الأكثر قدرة على الإمساك بخيوط اللعبة، وأكثر قدرة على لعب دور الوسيط والضامن. لكن في المقابل، هناك جانب سلبي: فكلما تمادت إسرائيل في ضرب “الأصدقاء” والبعيدين، فهذا يعني أنها قد تجرؤ لاحقًا على تجاوز الخطوط الأقرب إلى مصر نفسها، سواء سياسيًا أو عسكريًا.

 

الرسالة إذن مزدوجة: قد لا تكون موجهة مباشرة إلى مصر، لكنها بالتأكيد تمر عبرها. وكأن إسرائيل تقول: “نحن نستطيع أن نصل إلى أي عاصمة عربية، فما موقف القاهرة؟”. والسؤال الأهم: هل تختار مصر أن تكتفي بالمشاهدة لتتأكد من أن الرسالة ليست لها، أم تختار أن ترد بطريقتها الخاصة عبر الحراك السياسي والدبلوماسي لتعيد تعريف حدود اللعبة من جديد؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى