من ملاعب المجد إلى أروقة التنمية:

من ملاعب المجد إلى أروقة التنمية:
لماذا يربح المغرب كروياً ويخسر تنموياً؟
شبكة النايل الإخبارية/ المغرب
المصطفى الهيبة
منذ سنوات قليلة، لم يكن يتخيل أحد أن يصبح المغرب أحد أبرز العناوين في كرة القدم العالمية. لكن اليوم، الحقيقة واضحة: المنتخب الوطني يحتل المرتبة الثانية عشرة عالمياً في تصنيف الفيفا من أصل 211 منتخباً، في إنجاز لا يوازيه إلا جيل 1998 حين بلغ المرتبة الحادية عشرة. وعلى صعيد كرة الصالات، كتب رجال هشام الدكيك حكاية استثنائية، حيث قفزوا إلى المركز السادس عالمياً، ليضعوا المغرب بين عمالقة اللعبة.
هذا الصعود لم يكن وليد ضربة حظ، بل هو ثمرة مشروع متكامل. الجامعة الملكية لكرة القدم أحسنت التخطيط، استثمرت في الملاعب والمراكز الحديثة، وعلى رأسها مركز محمد السادس لكرة القدم، وراهنت على تكوين المدربين والفئات العمرية، ثم مدت جسور الثقة مع محترفي المهجر. النتيجة كانت واضحة: كرة قدم مغربية متألقة، تتصدر إفريقيا وتنافس الكبار في العالم.
لكن ما إن نترك ملاعب الكرة، حتى نكتشف مفارقة حادة بين بريق المستطيل الأخضر وظلال الواقع التنموي. فالمغرب ما زال بعيداً عن المراتب المشرقة في مؤشرات أساسية:
-التنمية البشرية: المرتبة 120 من أصل 193.
-مدركات الفساد: المرتبة 99 من أصل 180.
-الديمقراطية: المرتبة 95 من أصل 167.
-حرية الصحافة: المرتبة 144 من أصل 180.
-التعليم: المرتبة 115 من أصل 193.
-الرعاية الصحية: المرتبة 94 من أصل 99.
هذه الأرقام لا تحتمل المجاملة. إنها تقول إن الفرح الذي نصنعه في الملاعب لا يوازيه فرح في المدارس أو المستشفيات أو مؤسسات الدولة. كرة القدم منحتنا حضوراً عالمياً، لكن التنمية وحدها تمنح المواطن كرامة وطمأنينة.
لقد أثبت المغرب أن النجاح ممكن متى وُجدت الرؤية والموارد والانضباط. والرهان الآن هو أن تنتقل هذه “الوصفة الكروية” إلى ميادين التعليم والصحة والعدل والاقتصاد. حينها لن يكون إشعاع المغرب مؤقتاً ولا محصوراً في كرة القدم، بل سيصبح إشعاعاً إنسانياً وتنموياً شاملاً.
-المراجع:
*تصنيف الفيفا للمنتخبات الوطنية.
*الاتحاد الدولي لكرة القدم داخل القاعة (Futsal World Ranking).
*برنامج الأمم المتحدة الإنمائي: تقرير التنمية البشرية.
*منظمة الشفافية الدولية: مؤشر مدركات الفساد.
*وحدة الاستخبارات الاقتصادية: مؤشر الديمقراطية.
*منظمة “مراسلون بلا حدود”: مؤشر حرية الصحافة.
*تقارير التعليم والصحة: اليونسكو، منظمة الصحة العالمية.