الشباب قاطرة المستقبل وأسباب انحرافهم وسبل العلاج
بقلم دكتورة/ معالي العميري
يُعد الشباب الركيزة الأساسية لنهضة المجتمع ومحرك التطور والتقدم في مختلف المجالات الحياتية. فإذا صلح الشباب صلح المجتمع وازدهر، وإذا فسد فقد المجتمع قوته وانحدر نحو التراجع والعجز عن تحقيق التنمية والنهضة المرجوة. ومن هنا تأتي أهمية فهم أسباب انحراف الشباب وتسليط الضوء عليها بما يضمن وضع حلول واقعية قادرة على معالجة هذه الظاهرة والحد من آثارها السلبية.
أولًا: ضعف الوازع الديني
يعاني كثير من الشباب اليوم من ضعف معرفتهم بدينهم، فلا يتجاوز الأمر مجرد خانة في بطاقة الهوية تشير إلى الديانة دون إدراك عميق لتعاليم الدين وقيمه. إن غياب اليقين والمعرفة الحقيقية بالدين يؤدي إلى سلوكيات وممارسات بعيدة كل البعد عن الأخلاق والمبادئ التي يدعو إليها، مما يجعل الشباب فريسة سهلة للتيارات السلبية والمؤثرات المنحرفة.
ثانيًا: خلل التربية الوالدية
تلعب الأسرة الدور الأهم في تشكيل شخصية الأبناء. ولكن انشغال الوالدين المستمر سواء بالعمل أو ضغوط الحياة اليومية يجعل المتابعة الأسرية ضعيفة، فينمو الأبناء دون توجيه أو رقابة سليمة. كما أن انفصال الوالدين يُعد من أبرز أسباب الاضطرابات النفسية لدى الشباب، فيولد لديهم شعورًا بعدم الانتماء واللامبالاة، وقد تتشكل لديهم عقد نفسية تؤثر على سلوكهم ومدى استقرارهم.
ثالثًا: مصاحبة رفقاء السوء
عندما يفتقد الشباب الحاضنة الاجتماعية السليمة داخل الأسرة، يبحثون عن بديل خارجها، وغالبًا ما يكون ذلك عبر رفقاء السوء. ينطلق الشاب معهم هروبًا من واقعه، فيتعلم سلوكيات خاطئة، سواء رغبة في المال السهل، أو الدخول في علاقات غير شرعية، أو تعاطي المخدرات، وغيرها من مظاهر الانحراف التي تقود إلى الضياع.
رابعًا: تأثير الإعلام
يلعب الإعلام المرئي والإلكتروني دورًا بالغ الخطورة في تشكيل عقول الشباب. فغياب الرقابة على المحتوى سواء عبر شاشات التلفاز أو الإنترنت يسمح بتلقي أفكار منحرفة أو مشاهدة مواد غير أخلاقية تؤثر بعمق في قيم الشباب وتوجهاتهم. ومع غياب المتابعة الأسرية، يصبح الإعلام مصدرًا للتربية غير المباشرة، ولكن في الاتجاه الخاطئ.
خامسًا: إهمال المؤسسات التعليمية
تبدأ مرحلة الانحراف أحيانًا من بوابة المدرسة والجامعة، حين يغيب الدور الحقيقي للمؤسسة التعليمية في صناعة الوعي، وتقديم القدوة، وترسيخ قيم المعرفة والاحترام. ضعف تقدير الطالب للعلم والمعلم، يقابله في كثير من الأحيان ضعف في أداء بعض المعلمين لدورهم التربوي، مما يجعل العملية التعليمية مجرد تحصيل شكلي بلا تأثير
إن مسؤولية إصلاح الشباب مسؤولية مشتركة يتحملها الجميع: الأسرة، والمدرسة، والإعلام، والمؤسسات الدينية والاجتماعية. فأبناء الوطن هم ثروته الحقيقية، وبتربية سليمة وتعليم واعٍ يمكن للمجتمع أن ينهض ويحقق الازدهار والرقي. لذلك ينبغي أن نُحسن التربية ونرتقي بالتعليم ونراقب تأثير الإعلام، ليكون شبابنا قوة بناء لا معول هدم، ومستقبلًا مشرقًا لوطن يستحق الأفضل

