مقالات

الصحافة المغربية بين أخلاقيات المهنة وخدمة الصالح العام

الصحافة المغربية بين أخلاقيات المهنة وخدمة الصالح العام

 

شبكة النايل الإخبارية/بقلم مصطفى الغليمي

 

في مغرب التعدد والتقاليد العريقة، تظل الصحافة ركيزة أساسية لبناء وعي جماعي سليم، ورافعة لتكريس قيم الحوار والانفتاح. غير أن مفهوم الصحافة، في ظل التحولات الرقمية وتوسع منصات التواصل، صار بحاجة إلى إعادة ضبط البوصلة نحو جوهر الرسالة الإعلامية، كما نشأت عليها في المدرسة الوطنية الأصيلة.

 

فالصحافة في معناها الأصيل ليست ترفا، ولا وسيلة لتصفية الحسابات أو ملاحقة الأشخاص بالاتهام أو التشهير، مسؤولين كانوا أو مواطنين عاديين. إنها أداة نبيلة لمعالجة قضايا الوطن بصدق وتجرد، واستقصاء الحقيقة دون تحامل أو تهويل. عمل الصحافي ليس في إشعال النيران، بل في إخمادها بالحكمة والموضوعية، وتبصير الرأي العام بمكامن الخلل دون صب الزيت على نار التوترات.

 

في التقاليد المغربية الراسخة، الكلمة مسؤولية، والحكمة مطلوبة قبل الحكم، والنية السليمة أساس كل قول وفعل. من هذا المنطلق، لا يجوز للصحافة أن تتحول إلى منبر للتهييج أو نشر الفتن، بل يفترض أن تكون جسرا للحلول، لا مطية للمزايدات.

 

رغم أنني لست بصحافي محترف اليوم، إلا أنني عشت تجربة جميلة كمراسل لصحف وطنية، وتتلمذت على يد صحفيين مشهود لهم بالمعرفة والثقافة والمهنية العالية. تعلمت منهم أن الصحافة ليست مجرد نقل للأخبار، بل التزام أخلاقي، ونظرة متزنة، وصوت عاقل في زمن الضجيج.

 

الصحافي المغربي الأصيل هو الذي ينقل الخبر بصدق، ويحلل الواقع بأمانة، ويضع المصلحة العليا فوق كل اعتبار. هو الذي ينحاز للوطن وللحق، دون أن يكون أداة في يد أجندات مشبوهة أو انفعالات شخصية.

 

إننا في حاجة إلى صحافة تواكب تطلعات المغاربة، وتحترم عقولهم، وتسهم في التنمية بدل أن تكرس الإحباط. نحتاج إلى إعلام يبني ولا يهدم، ينقد دون تجريح، ويقترح دون تهويل.

 

ختاما، إن الصحافة، كما أرادها الأوائل من بناة هذا الوطن، يجب أن تبقى في صف الوطن، حاملة لهموم الناس، ناطقة باسم الحقيقة، ملتزمة بأخلاقيات المهنة، وفية لرسالة البناء لا الهدم، والسكينة لا التجييش.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى