الرئيسيةمقالاتما بين فوضى القيم وغياب الحصانة الثقافية هناك أزمة أخلاق
مقالات

ما بين فوضى القيم وغياب الحصانة الثقافية هناك أزمة أخلاق

ما بين فوضى القيم وغياب الحصانة الثقافية هناك أزمة أخلاق

كتب : وائل عباس

 

يواجه المجتمع المصري حاليا أزمة أخلاق حادة ومحاولة لتشويه وبلبلة المجتمع المصري… بين فوضى القيم وغياب الحصانة الثقافية

 

لم يعد ما يواجهه المجتمع المصري اليوم مجرد ظواهر عابرة، أو موجات من “التريند” العشوائي التي تنتهي كما بدأت. ما يحدث أعمق من ذلك بكثير ؛ فهناك حالة ممنهجة من تشويه الذوق العام وإرباك الوعي الجمعي ، تُغذيها عوامل اقتصادية وإعلامية وثقافية متشابكة ، تدفع بأتجاه اختلاط المعايير وطمس الهوية الأصيلة التي عُرف بها المصريون لعقود طويلة .

 

1. الشهرة السريعة.. ظاهرة أم صناعة؟

 

القفز المفاجئ لبعض الأسماء إلى واجهة المشهد الفني والإعلامي—بلا موهبة واضحة أو قيمة فنية حقيقية—ليس مجرد صدفة. الثراء الفاحش والشهرة المبالغ فيها لأشخاص ذوي محتوى هابط، وتحولهم إلى “رموز” أو “قدوات” لبعض الفئات، يشير إلى خلل خطير في منظومة التذوق والأختيار ؛ سواء من الجمهور أو الجهات التي تمنح الضوء الأخضر لصناعة المحتوى .

 

2. صناعة الترند … حين يصبح القبيح مادة للترويج

 

أرتباط الإعلام ومواقع التواصل بما هو صادم وبذيء وعنيف بات ملموساً. أصبح “التريند” يُصنع من ( العرايا، البلطجة، الشتائم، الفضائح ) وكأن المجتمع يُدفع دفعًا إلى تبنّي قيم لا تشبهه.

لم يعد الهدف تقديم مضمون ؛ بل تقديم ما يضمن التفاعل بغضّ النظر عن تأثيره القيمي والأخلاقي .

 

3. تمزيق الهوية البصرية والسلوكية

 

غياب الأزياء المحتشمة اللائقة بطبيعة المجتمع المصري، وتراجع الذوق العام في الحديث والتصرفات، وانتشار الألفاظ السوقية والخادشة… كلها مؤشرات على تآكل تدريجي للهوية الشرقية التي ميّزت الشخصية المصرية.

هذه ليست صدفة بل نتيجة غياب الرقيب المجتمعي وضمور الدور الثقافي الرشيد .

 

4. تغذية السلبية وتعميم السوداوية

 

أصبح النقد هو العنوان الدائم. يتحدث الجميع عن الانهيار دون تقديم حلول، وعن السوء دون رؤية أي جانب مشرق

إنها فوضى خطاب عام تُغذّي الإحباط وتعطل موجات الإصلاح .

 

5. التعصب الرياضي … من المنافسة إلى الفتنة

 

تحويل الرياضة إلى ساحة صراع نفسي ومعارك كلامية منظمة يسهم في نشر التعصب غير المبرر، والذي يشقّ صف المجتمع ويفتح الباب أمام احتقان دائم يُستغل إعلاميًا وماليًا.

 

6. ضرب الرموز وتشويه القيم

 

الهجمة المستمرة على الرموز التاريخية والأدبية والفنية ، ورفع شأن نماذج هشة أو عديمة القيمة ، يعكس رغبة في طمس المرجعية الثقافية ، وإعادة تشكيل المجتمع بعيدًا عن قيمه الراسخة .

تلميع الانحراف وتطبيع الفوضى الأخلاقية ، وإعطاء مساحات ضخمة لقضايا هامشية … كلها حلقات في سلسلة هدفها إرباك الوعي العام .

 

7. أين المضادات الحيوية ؟؟؟

 

لا يمكن مواجهة هذا الإنهيار بالقانون وحده ، ولا بالمواعظ وحدها

 

المجتمع يحتاج إلى :

 

إعلام مسؤول يعيد الأعتبار للقدوة والرمز والقيمة .

 

ثقافة تُنتج أعمالًا محترمة تستطيع منافسة الإسفاف .

 

أسرة قوية ومدرسة فعالة تعيدان تشكيل الوعي منذ الطفولة .

 

دولة تضع خطوطًا حمراء واضحة تحمي الهوية والقيم من العبث .

 

إن ترك هذه الفوضى دون مواجهة حقيقية سيجعل أي جهود للإصلاح مجرد مسكنات قصيرة العمر .

 

ختامًا

 

مصر ليست دولة يمكن أن تُكسَر بسهولة ، لكنها قد تُنهَك إذا استمرّ الضغط على وعيها ووجدانها .

الحفاظ على الهوية والقيم المصرية ليس وظيفة الحكومة وحدها ، بل مهمة المجتمع كله : ( مثقفين، إعلاميين، أسرًا، علماء، وش

بابًا ) .

 

حفظ الله مصر وأهلها… وحفظ وعيها قبل أي شيء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *