قبل العقاب ،،أنقذوا المجتمع من أسباب الجريمة لنعصم الناس من الوقوع في الخطأ
بقلم المحامية هاجر محمد حسني
قبل أن نطالب بتطبيق الحدود وتشديد العقوبة، يجب أن نسأل أولًا على مواجهة سؤالٍ أكبر:
هل هي عقوبات نريدها، أم نريد مجتمع لا يقع في الجريمة أساسًا؟
الحقيقة التي نهرب منها أن كل جريمة يشترك فيها طرفان:
فرد خرج من بيئة مُهملة ،ودولة قصّرت في دورها التربوي والمجتمعي.
فلو وُلد الإنسان في أسرة سوية مستقرة، مؤمنة، تتعبد الله وتلتزم بتعاليم الدين، وتزرع في أبنائها الرضا والسعي لما احتاج أحد أن يقوده بالعقاب ، فالإيمان وحده يهذب، والقدوة وحدها تبني.
ولنستطيع حماية المجتمع، يجب أن تؤدي الدولة دورها الحقيقي:
فرص عمل، تعليم واعٍ، إعلام نظيف، توعية أخلاقية ودينية داخل المدارس والجامعات، وفهم صحيح للزكاة والصدقة، ومعنى الزواج ومسؤولياته، ومسؤولية الفن والدراما في تشكيل العقول.
كيف نُحاسب شابًا على جريمة قبل أن نمنحه أسباب النجاة منها؟
كيف يُعقل أن نقيم الحدود بينما لا نحمي الناس من أسباب الخطأ ؟
كيف نقيم مجتمعًا مستقرًا بعد أن ارتفعت نسب الطلاق والزواج العرفي؟
كيف نطلب من جيل أن يكون نقيًّا وقد امتلأت شاشاته بعنفٍ، وتحررٍ، وصورٍ تشعل الشهوة ولا تهذب النفس؟
كيف نلوم شابًا على بطالةٍ قاتلة، بينما الدولة قصّرت، وهو بدوره لم يرضَ إلا براتب كبير ومكانة قبل أن يتعلم ويتعب؟
ونتساءل بعد ذلك: لماذا ترتفع جرائم السرقة والنصب والزنا والاغتصاب؟
يا سادة….
والله، والله، والله… لن تستقيم الدولة إلا إذا استقامت شريعة الله في أرضه، وسارت على هدي رسوله ﷺ، واستمدت عدلها من عهد عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز.
لكن الشرع نفسه يقول:
“إن الله لا يغيّر ما بقومٍ حتى يغيّروا ما بأنفسهم.”
فالإصلاح يبدأ من الداخل، من الضمير، من الأسرة ،من القلب الذي يعرف الله قبل أن يخاف القانون.
لن تنهض دولة يكره أهلها بعضهم، ويكره شعبها رئيسها ، ويتعامل أفرادها بأنانية وتمزق.
الدولة لا يبنيها القرار وحده، بل يبنيها مجتمع كامل يعمل، ويخلُق، ويجتهد، ويربي، ويخاف الله في السر والعلن.
إن الأمة لا تقوم إلا على أسرة مستقرة، قلب واحد، أخلاق راسخة، تربية صحيحة، ودولة تضع الإنسان أولًا قبل العقوبة.

