مصر بين إيران والطاقة الذرية والشرق الأوسط

مصر بين إيران والطاقة الذرية والشرق الأوسط
بقلم / سيد الأسيوطي
تظل مصر بقيادتها السياسية الحكيمة قوة محورية في إدارة الأزمات الإقليمية والدولية، لتثبت أنها ليست مجرد طرف مراقب، بل لاعب رئيسي يحمي الأمن القومي ويصون الاستقرار الإقليمي. فملف إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية ليس معزولًا عن محيطه، بل هو جزء من معادلة أشمل تتعلق بمستقبل الشرق الأوسط بأسره.
لقد برزت مصر خلال السنوات الأخيرة كوسيط ذكي بين طهران والوكالة الدولية للطاقة الذرية، حيث رعت القاهرة عددًا من اللقاءات والاتصالات الدولية التي وصفتها تقارير الوكالة الأممية في فيينا بأنها “جسور ثقة” ساعدت على استمرار المفاوضات ومنع انهيار الاتفاقات. وتشير تقارير الوكالة الدولية لعامي 2023 و2024 إلى أن أكثر من 12 اجتماعًا مباشرًا وغير مباشر جرى بمشاركة أو تنسيق مصري، مما أسهم في إبقاء باب الحوار مفتوحًا وحماية الأمن الإقليمي من مزيد من التصعيد.
هذا الدور لم يمر مرور الكرام؛ فقد أعرب الرئيس الإيراني ومسؤولو هيئة الطاقة الذرية عن شكرهم العميق للقيادة السياسية المصرية على ما وصفوه بـ”الجهود الحكيمة والمتوازنة” التي أسهمت في تقريب وجهات النظر وتخفيف التوترات، مؤكدين أن القاهرة تحركت كقوة استقرار حقيقية وليست طرفًا منحازًا.
ولم يقتصر التقدير على إيران وحدها؛ إذ أشادت تقارير أوروبية وأمريكية عدة بالدور المصري. فقد ذكرت الخارجية الأمريكية في بيانها الصادر في يوليو 2024 أن “القاهرة لعبت دورًا حاسمًا في الحفاظ على قنوات التفاوض مفتوحة بين طهران والوكالة الدولية”. كما أكدت المفوضية الأوروبية في تقريرها الصادر ببروكسل أن مصر أصبحت “صوتًا عاقلًا ومتوازنًا” في منطقة تموج بالصراعات، مشددة على أن غياب الدور المصري كان سيؤدي إلى مزيد من التوتر والانقسام.
ولم يقتصر دور مصر على الملف النووي، بل امتد ليشمل قضايا الشرق الأوسط كافة؛ من القضية الفلسطينية ووقف التصعيد وحماية المدنيين، إلى دعم الاستقرار في ليبيا والسودان واليمن. وفي كل هذه الملفات، أكدت مصر أن أمنها القومي مرتبط بالأمن العربي، وأنها صمام أمان في محيط مضطرب، وهو ما أكدته بيانات الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية التي أشارت إلى أن القاهرة لعبت دورًا مباشرًا أو غير مباشر في ما يزيد عن 25 مبادرة ومؤتمرًا إقليميًا خلال السنوات الخمس الماضية.
نجاح هذه الوساطات لم يكن وليد الصدفة، بل نتاج استراتيجية محكمة تقوم على التوازن، واستخدام أوراق الضغط السياسي والاقتصادي، والانفتاح على جميع الأطراف، بما يحافظ على مصالحها العليا ويحمي مستقبل المنطقة من الانزلاق نحو الفوضى.
وهكذا أثبتت القيادة المصرية مرة أخرى أن لديها مخالب دبلوماسية حادة وأنيابًا لا تلين، قادرة على حماية الأمن القومي، وإرساء الاستقرار، وترسيخ صورة مصر كركيزة صلبة في الشرق الأوسط، ونموذج حي لدولة تعرف كيف تواجه التحديات بحكمة وقوة، لتظل عظيمة على المسرح الدولي.
حفظ الله الوطن، حفظ الله الجيش والشرطة المصرية البواسل درع وسيف الأمة، وتحيا مصر بوحدتها دائمًا وأبدًا رغم أنف المفسدين والحاقدين والمتربصين.