مقالات

حين تتحوّل الخصوصية إلى سلعة إعلامية!

حين تتحوّل الخصوصية إلى سلعة إعلامية!

 

بقلم: محمود سعيد برغش

 

في زمن السرعة والتسابق نحو “اللافت”، تحوّل الإعلام في جانب كبير منه إلى آلة ضخمة لا تملّ من تكرار محتوى واحد:

حياة المشاهير.

 

طلاق، زواج، ارتباط، خلافات أسرية، صراعات على الميراث…

كلها تفاصيل خاصة، تُنشر كأنها قضايا وطنية، ويُروّج لها كأنها من أولويات المجتمع.

 

المشكلة ليست في الفنان أو المشهور، بل في تلك العدسة الإعلامية التي اختارت أن تنقل أدق خصوصياته وكأنها شأن عام، وفي جمهور تم دفعه دفعًا للاهتمام بما لا يُؤثر في حياته من قريب أو بعيد.

 

في هذه المعادلة، ضاعت القضايا الحقيقية:

أزمات التعليم، انهيار القيم، ضعف الخدمات الصحية، ارتفاع معدلات الفقر، وتفشي الإحباط بين الشباب.

 

لكن الإعلام اختار الطريق الأسهل:

أن يستبدل معاناة الناس بقصص “النجوم”.

أن يستبدل التحقيق الصحفي بصورة من حفل زفاف،

وأن يجعل من حياة الأفراد العادية، مادة يومية للاستهلاك الجماهيري.

 

إننا نعيش اليوم حالة من تفريغ المحتوى الإعلامي من مضمونه الاجتماعي والوطني، واستبداله بمحتوى ترفيهي فارغ لا يُنتج وعيًا، بل يُكرّس الغفلة.

 

ولعل السؤال الذي لا بد أن يُطرح:

من المستفيد من إشغال الناس بما لا ينفع؟

ومن يدفع ثمن غياب الإعلام الجاد؟

الجواب واضح: مجتمع بلا وعي، جمهور مشغول بالتوافه، وواقع بلا مساءلة.

 

نحتاج إلى وقفة مع الضمير الإعلامي…

وقفة تقول: كفى من تحويل الخصوصية إلى سلعة، والترفيه إلى بديل عن التنوير.

فالإعلام مسؤولية، لا مجرد مادة للتداول.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى