مقالات

*العقول لا تُدار بالأوامر… بل تُبنى بالوعي والتدريب*

*العقول لا تُدار بالأوامر… بل تُبنى بالوعي والتدريب*

 

*بقلم د. هبه عادل* 

 

في زمنٍ تتغير فيه المفاهيم بسرعة تفوق التوقعات، لم يعد بناء الدول يقوم على القرارات فقط، بل على تشكيل الوعي وبناء العقول القادرة على الفهم والتحليل والتفكير النقدي. فالأوامر تصنع حركةً مؤقتة، لكن الوعي يصنع نهضةً مستدامة.

 

لقد أدركت الجمهورية الجديدة أن التنمية لا تبدأ من مشروعات البنية التحتية وحدها، بل من بناء الإنسان المصري الجديد، القادر على إدارة ذاته ومؤسسته ومجتمعه بفكرٍ مستنير. وهنا تأتي أهمية التدريب بوصفه أداة الدولة لتطوير الفكر لا لتلقين المهارة فقط.

 

إن منظومة التدريب داخل المجلس الأعلى للجامعات تُعد اليوم واحدة من أبرز محركات التحول في العقل الإداري والفكري المصري. ومن خلال تجربتي كـ محاضِرة ومدرِّبة معتمدة في برامج إعداد القيادات الشابة، رأيت كيف يمكن للتدريب أن يُعيد صياغة شخصية المتدرب، فيتحول من متلقٍ إلى صانع قرار، ومن موظف إلى قائد يمتلك الرؤية والقدرة على التغيير.

 

فالتدريب الحقيقي لا يُلقِّن المعلومة، بل يُحرّر الفكر. ولا يضيف إلى السيرة الذاتية، بل يبني الشخصية القادرة على مواجهة المستقبل.

 

لقد أصبح الوعي اليوم أحد مكونات الأمن القومي، لأنه يقي المجتمع من الفوضى الفكرية ويُحصّن مؤسسات الدولة من الجمود. فحين نُدرك أن العقول لا تُدار بالأوامر، نبدأ فعلاً في تأسيس دولةٍ تُدار بالعلم والإقناع، وتنهض بالفكر والمعرفة.

 

إن مصر وهي تبني جمهوريتها الجديدة، تُراهن على إنسانها أولاً، على وعيه وانتمائه وقدرته على الفعل الإيجابي. لذلك فإن كل خطوة تدريب وكل لحظة وعي تُعد استثمارًا في مستقبلٍ أكثر استقرارًا وازدهارًا.

 

ويبقى السؤال الحقيقي لكل قائد وكل مؤسسة:

هل نُدير أفرادًا بالأوامر… أم نبني عقولًا بالوعي؟

الإجابة هي ما سيحدد ملامح الغد في الجمهورية الجديدة.

د. هبة عادل – مفكرة وباحثة في التطوير

المؤسسي والفكر الاستراتيجي، تهتم بدمج الذكاء الاصطناعي في دعم صناعة القرار الوطني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى