رياضة

حنين إلى كرة الصالات: عشق أبدي وذكريات لا تنسى

حنين إلى كرة الصالات: عشق أبدي وذكريات لا تنسى

شبكة النايل الإخبارية: محمد الجامعي

تأخذني عقارب الزمن إلى سنوات خلت، حين كانت روحي تحلق حرة في فضاء كرة الصالات. أيام مضت كنسمة صيف، حاملةً معها شغفاً لا يوصف بتلك الكرة المفعمة بالأحلام والطموحات.

سبعون خريفاً مرت على عمري، نصفها وهبته بكل جوارحي لكرة الصالات. منذ كنت صبياً يركض خلف أحلامه، كنت كفراشة انجذبت إلى ضوء ساطع، فاحترقت أجنحتها بلهيب العشق، لكنها لم تتراجع، بل تمنت لو تعود إلى النور ألف مرة رغم الاحتراق.

حملت كرة الصالات على كتفي كأمانة مقدسة، وعبرت بها دروب الألم وتسلقت القمم الشامخة رغم العقبات التي واجهتني من كل جانب. كافحت بعرق جبيني لأحولها من هامش الألعاب إلى قلب الفخر الوطني، من مجرد تسلية تثير السخرية إلى رمز يبعث على الاعتزاز.

رعيتها كما يرعى الأب ابنته الوحيدة، سهرت على تنميتها حتى كبرت وأزهرت. لكن في لحظة تألقها، حين تزينت بأجمل حللها واستعدت لتسطر نجاحاتها الأولى، وجدتني غريباً في احتفال لم أُدعَ إليه، لست من المقربين ولا من المحتفى بهم.

وقفت في زاوية منسية، كغصن جف في بستان مزهر، عيناي تبحثان عن شيء مفقود في الأفق البعيد. أصبحت كالمشرد في عالم بنيته بيدي، كورقة خريف تتقاذفها الرياح وتنبذها الزوايا. صرت كتمثال صامت، كحكاية بُترت نهايتها ومحيت بدايتها.

لو سألتم كرة الصالات عن عاشقها الأول، لأجابت دون تردد: “ما الحب إلا للحبيب الأول”، ومن يكون ذلك العاشق إن لم أكن أنا الذي اخترقت روحه بسرعة الضوء منذ اللقاء الأول؟ أنا من غرق في بحر هيامها حتى الإدمان، من تحولت في غيابها الدقائق عنده إلى دهور، ومن توقفت لأجلها عقارب حياته عن الدوران.

عشت في زمن معلق، حيث تعانقت عقارب الساعة وتشابكت حتى سقط الوقت من حساباتي. كلما خفت جذوة الشوق، أضرمتها من جديد بحطب الذكريات وسنين العمر الماضية.

ليت الزمن يعود، لأصلح ما تصدع من تاريخ وأعيد كتابة القصة بمداد الوفاء على صفحات جديدة، تسعد محبي اللعبة وترسم لوحات زاهية تبهج العيون كألوان مهرجانات الهند.

هذه قصتي مع كرة الصالات… قصة عشق خالد لن تمحوه السنون.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى