الرئيسيةمقالاتالموضة… من قيمة وهوية إلى ماركات مستوردة
مقالات

الموضة… من قيمة وهوية إلى ماركات مستوردة

الموضة… من قيمة وهوية إلى ماركات مستوردة

 

بقلم المحامية هاجر محمد حسني

 

بقي غريب قوي إن كل تفكير الشباب النهارده رايح ناحية حاجة واحدة: البراند.

كإن قيمة اللبس مش في شكله ولا راحته ولا مناسبته، لكن في اللوجو المطبوع عليه… اللوجو اللي جاي من بره واللي بقى هو اللي يحكم علينا: إحنا أغنياء ولا “عاديين”، “مودرن” ولا “مش مع التيار”.

 

ونسينا حقيقة مهمة…

إن اللبس في الأصل سترة للجسد، وثقافة تحكي إحنا مين، وجزء من هويتنا اللي بنفقدها كل يوم شوية.

 

صرخة “أنا مختلف”

 

بقى في حاجة غريبة في الموضة دلوقتي…

الشاب لما يلبس حاجة برند، كأنه بيقول:

“أنا من طبقة أعلى… مش هلبس زيكم… أنا غيركم.”

 

وكأن هدف اللبس اتغير من الراحة والجمال للتمرد والاستعراض.

بقى مهم تشتري هدوم جديدة كل موسم، مش علشان محتاج…

لكن علشان تبان “أنيق ومختلف”.

ويا سلام لو البراند تقيل… يبقى كده عملت الصح!

 

لكن الحقيقة؟

إنت مش بتشتري خامة…

إنت بتشتري اسم… واسم في الغالب ملك دولة مستوردة بتسحب منك فلوسك وصحتك وراحتك النفسية وانت فرحان.

 

وإحنا بنخسر إيه؟

 

بنهدر فلوس على حاجة قيمتها في الشعار.

 

بنساهم في تلويث البيئة… معظم البراندات جزء من صناعات مدمرة.

 

بنعمّق الإحساس بالنقص: “لازم أشتري عشان أبان”.

 

بنبعد عن ثقافتنا ولبسنا اللي يعبر عنّا بجد.

 

وبننسى إن الموضة مش شهادة طبقية… ده مجرد قماش وخيط!

 

 

طب فين هويتنا؟

 

إحنا كنا زمان نِفرح بلبس بتاعنا…

كان يكفي إنه نضيف، بسيط، ومحترم.

وكانت قيمة الشخص تُقاس بأخلاقه وحيائه وذوقه…

مش بالماركة اللي على صدره.

 

وكان في حاجة جميلة اسمها توريث الهدوم.

هدوم تتنقل من أخت لأخت، ومن أخ لابن العم…

هدوم ليها عُمر وحكايات.

مش هدوم بتترمي بعد موسم علشان “قديمة”.

 

القيمة الحقيقية مش ماركة

 

القيمة الحقيقية في الإنسان نفسه.

في ذوقه، في نظافته، في احترامه لجسمه وهويته.

اللبس مش لازم يكون غالي… لازم يكون صادق.

يعبر عنك… مش عن دولة بتبيعك اسم وتاخد منك ضعف تمنه.

 

رجّعوا الموضة اللي فيها هدوء وبساطة.

رجّعوا ثقافة إن الهدوم تتلبس أكتر من مرة… عادي… طبيعي… شياكة أصلاً!

ورجّعوا ثقتكم إن قيمتكم مش في ماركة،

قيمتكم في شخصكم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *