الأزهر الشريف: منارة التسامح في التاريخ الإسلامي

الأزهر الشريف: منارة التسامح في التاريخ الإسلامي
بقلم اشرف جمال زقله
لطالما كان الأزهر الشريف رمزًا للمعتدلية والتسامح في العالم الإسلامي، ليس فقط كمؤسسة تعليمية دينية وإنما كمركز إشعاع حضاري وثقافي عبر قرون من التاريخ المصري والعربي. يلتقي في رحابه طلاب العلم من مختلف البلدان، ليحملوا رسالة العقل والانفتاح وقبول الآخر.
نشأة الأزهر ودوره التاريخي تأسس الأزهر الشريف في القاهرة عام 970م في عهد الدولة الفاطمية ليكون منارة للعلوم الشرعية واللغة العربية، وسرعان ما تحول إلى أكبر مؤسسة دينية وعلمية في العالم الإسلامي. اندمج الأزهر مع المجتمع المصري، وأسهم في حماية الهوية الثقافية والتقاليد الإسلامية القائمة على قيم التسامح والعدل.رسالة الاعتدال ونشر التسامح منذ نشأته، تبنى الأزهر نهج الوسطية في التدين، وسعى لترسيخ مفاهيم الاحترام المتبادل ونبذ العنف والتطرف. كان الأزهر دائمًا يصدّر علماء يحملون راية الاعتدال للمجتمعات الإسلامية من المغرب إلى إندونيسيا، ويؤكد على أهمية الحوار بين المذاهب والطوائف الدينية. ومن خلال مناهجه الدراسية، ظل يحرص على تعليم قيم الرحمة والتعايش بين المسلمين وغيرهم.
الأزهر في مواجهة التطرف المعاصرلم يكن دور الأزهر مقتصرًا على الماضي، فقد كان له مساهمات بارزة في مكافحة الفكر المتطرف في العصر الحديث. أطلق الأزهر العديد من المبادرات، مثل بيت العائلة المصرية، لتقريب وجهات النظر بين أبناء الوطن الواحد، ونشر خطابات إعلامية تُسهم في تقوية روح التعاون والقبول الاجتماعي. يستضيف الأزهر مؤتمرات دولية عن السلام والحوار، ويصدر بيانات رسمية تدين العنف باسم الدين.التعليم في الأزهر: مزيج من العلم والانفتاحيتوافد إلى الأزهر آلاف الطلبة من نحو 100 دولة سنوياً، يتعلمون فيه الفقه وعلوم اللغة العربية والقيم الإنسانية، وينشأ بينهم مجتمع تعليمي متنوع يعكس نموذجًا للتعايش السلمي. يعزز الأزهر ثقافة احترام الرأي الآخر داخل قاعاته، ويثمّن النقد البناء والأسلوب الحواري في درساته.جهود الأزهر في الإعلام والتواصل الحديثولم يقف الأزهر عند التعليم التقليدي، بل واكب الإعلام الرقمي، فأصبح له منصات إلكترونية تنشر خطب العلماء ومقالات حول التسامح ونبذ الكراهية. رسالته الإعلامية اليوم تؤكد على دور الدين في بناء مجتمع متماسك ومتسامح، يرفض التعصب ويستقبل المختلفين بمحبة واحترام الأزهر والشراكات الدوليةيعقد الأزهر شراكات علمية وثقافية مع جامعات ومؤسسات دينية حول العالم، ويفتح أبوابه للحوار مع الأديان الأخرى، ويشارك في اللقاءات العالمية لتعزيز السلم المجتمعي. يعتبر الأزهر اليوم من أكبر الداعمين لمبادرات السلام العالمي والتعاون بين الأمم.تحديات الحاضر وآفاق المستقبل ورغم التحديات التي يواجهها الأزهر، سواء من تيارات التشدد أو التطور الاجتماعي السريع، ظل يحافظ على مكانته مرجعية كبرى في نشر قيم الاعتدال والتسامح. يعمل الأزهر باستمرار على تحديث خطابه وتطوير مناهجه ليواكب تطورات العصر ويخدم كافة شرائح المجتمع
اثبتت تجربة الأزهر الشريف عبر ألف عام أنه قلب نابض بالوحدة الإنسانية، ورائد في مجال نشر التسامح ونبذ الاختلاف السلبي في المجتمعات. رسالة الأزهر تتجدد كل يوم ليكون جسرًا بين الأديان والثقافات، ويبقى قدوة للوسطية والاعتدال في أرجاء العالم.



