
في صمت دام عاماً ونصف، تحوّلت شقة صغيرة في حلوان إلى كهف مظلم يُخفي خلف جدرانه حكاية موجعة.
أختان مطلقتان، اجتمعت بهما قسوة الظروف تحت سقف واحد، لكن المرض النفسي تسلّل بهدوء ليغلق أبواب حياتهما. بدأت إحداهما تُعاني من اضطرابات القلق والهلع، ومع وجود شقيقتها بجوارها، سرعان ما انتقلت إليها نفس المخاوف، فصدّقت أوهامها، وشاركتها العزلة. شيئًا فشيئًا انسحبن من المجتمع، ثم من الأهل، وحتى من أبنائهن.
انطفأت الشمس في حياتهن، وامتنعن عن لقاء البشر، حتى تحوّل البيت إلى عالم من الظلام والغبار. ومعهما طفلة لم تتجاوز التاسعة من عمرها، وجدت نفسها سجينة نفس المأساة، بلا طفولة ولا مدرسة ولا ضحكات، فقط خوف وعزلة وحرمان.
ومع نفاد المال والطعام، بدأت بعض الأيادي تمد لهن لقيمات عبر نافذة صغيرة، لكن حين رأى الناس ملامحهن لم يتعرفوا عليهن، فقد صارت وجوههن وأجسادهن أشبه بهياكل بشرية أنهكها الإهمال. عندها تحرك إخوتهم، فاضطروا إلى كسر الباب ليكتشفوا مأساة تقشعر لها القلوب: شقة تحوّلت إلى مقبرة للأحلام، تملؤها الأتربة والظلمة والروائح الكئيبة، ووجوه غابت عنها الحياة.
الطفلة بدورها أصابها ما أصاب أمها وخالتها، نفسياً وجسدياً، حتى بدت كأنها شبح لطفلة، حُرمت من مقعد الدراسة وبهجة اللعب وممارسة حياتها الطبيعيه كطفله .
من هنا دوت صرخة الاستغاثه ولم تتأخر وزاره التضامن الاجتماعي في تحرك فريق الانقاذ السريع في سباق مع الزمن للتوجه نحو الشقه المظلمه لإنقاذ الأختان وااطفله بريئه الذين سجنوا لعام ونصف .
وحين فتح باب الشقه كأنه مشهد لفيلم حزين ..لكنه بدايه جديده لعلها حياه جديده لهؤلاء الأختان والطفله البربئه.