النقد الفني التشكيلي

بقلم الإعلامية و الفنانة التشكيلية
نعيمة أوهمو / المغرب
يعتبر الفن التشكيلي من الفنون البصرية التي تعبر عن مشاعر الفنان و رؤيته للواقع .
و هو يهتم بتشكيل المواد و تحويلها إلى أعمال فنية ثلاثية الأبعاد.
دراسات نقدية و جمالية
فمع تزايد إنتاج الأعمال الفنية عبر العصور ، برزت الحاجة الى وجود دراسات نقدية و جمالية لتفسير مكامن الإبداع في هذه الأعمال،
و ضرورة توجيه الذوق العام و إثراء المعرفة الجمالية لدى الجمهور . و تقديمها بشكل يسهل للمتلقي فهمها و تقريبها منه .
بدأت جذور النقد التشكيلي في العصور القديمة مع أعمال فلاسفة مثل أفلاطون،
لكنه بدأ بالتطور بشكل منهجي في القرن التاسع عشر مع ظهور العديد من المدارس النقدية كالتحليل النفسي و التاريخي و الجمالي ،
بينما بدأ النقد العربي في مطلع القرن العشرين مع تطور الفنون التشكيلية العربية و زيادة الحاجة للكتابة عن الفن .
وإن النقد التشكيلي عملية نقدية و فكرية تقوم على دراسة الأعمال الفنية البصرية
و تحليلها و تفسيرها بهدف تقييمها و إصدار أحكام نقدية مبنية على أسس فنية و جمالية .
صوت المجتمع و الجمهور و صوت الفن
كما أن النقد التشكيلي يلعب دورا مهما في استقامة المشهد التشكيلي ، بالتالي يساهم في دعم الإبداع و قيم الخلق لدى الفنانين.
فهو أداة لرفع مستوى الذوق العام و صقله لدى المتلقي ، من خلال شرح و تفسير القيم الفنية في النتاج الفني و ترسيخ القيم الإنسانية النبيلة .
و النقد القني كما تقول الدكتورة زينات بيطار ” يقوم على أرضية من الحوار و البناء بين الفن و الذوق العام ،
و هو صوت المجتمع و الجمهور ، و صوت الفن و الفنان في آن،
لكن ، قد يبدأ النقد الفني إلى الحاجة إلى فهم الفن و الاستمتاع به .
و يعرف النقد الفني على أنه فن الحكم على الأعمال الفنية
، و دراستها و تحليله، و الخبرة المكتسبة التي تتكون عند الناقد الفني لمعرفة الجودة الفنية كيف تكون .
بينما ، يقول الباحثون في علم الجمال ” لا وجود لفن من دون نقد فني
يواكبه، يحلل الأعمال الفنية و يفسر ما غمض فيها ، و هكذا ارتبطت عملية النقد الفني بالفنون المختلفة .
إن النقد الفني ليس معناه الكلام عن الفن فحسب ، بل هو فن
وفي حد داته يستلزم الإطلاع الواسع على الفن و على مختلف أصوله و مراحل تطويره و معرفة لغاته و قواميسه،
كما يتطلب رؤية بصرية شاملة للإبداعات الفنية و القدرة على تحليلها و فهم مرتباته
م الدلالية( زيارة المعارض و المتاحف و المراسم ، مواكبة الأنشطة النظرية و الاحتكاك مع الفنانين …) .
فهم أساليب الفن و وظائفه الإجتماعية
إضافة إلى ذلك ، يستدعي النقد الفني التعمق في فهم أساليب الفن و وظائفه الإجتماعية و الحضارية و الثقافية ، و استيعاب أبعاده الرمزية و التعبيرية ،
وكما أن الناقد الفني ليس كل من يصف العمل وصفا ذاتيا ، أو يعمد إلى تشويه البراعة التقنية و تسخيف العمل الإبداعي بدافع النية ..،
بل عليه الإتسام بحسن التمييز و عدم إصدار الأحكام .
إن الناقد يقوم بتقييم العمل الفني من خلال وصفه و تفسيره ، و من ثم تقييمه بناءا على تحليل للعنصرية الجمالية و التقنية الإجتماعية و الفلسفية و التاريخية المحيطة بالعمل الفنان نفسه .
ولذلك ، فالناقد و بالنظر إلى كونه مفسر و شارح لأي عمل فني قد يستعصي فهمه على القارىء، يعد وسيطا في العملية الإبداعية
و هو دور يختلف عن دور الناقد في العصور السابقة ، الذي كان يقوم به المؤرخون و علماء الجمال .
فى حين ، كان دور الناقد هو تفسير إنتاج الفن ، و لم يكن النقد يوجه لجمهور المشاهدين فقط ،
بل يوجه أيضا إلى الفنانين، كما أن جوهر الفن يتردد من فنان إلى آخر ،
و من نتاج فني إلى نتاج فني آخر ، و من حركة فنية إلى أخرى في مختلف جوانب الحضارة .