عندما يصبح الملعب معلما يعلمك دروس الحياة الخفية

عندما يصبح الملعب معلما يعلمك دروس الحياة الخفية
شبكة النايل الإخبارية: محمد الجامعي
رحلة مع نادي أجاكس القنيطري
مفتون من رأسي حتى قدماي
يدفعني إلى الكتابة ذلك الدور المحوري الذي لعبه نادي أجاكس القنيطري في المشهد الرياضي والاجتماعي المغربي، فهذه السيرة تروي قصة تداخل الكرة مع المجتمع، وتؤكد إيماني العميق بأن أجاكس لم يكن مجرد فريق يضم لاعبين لممارسة هواية كرة القدم داخل القاعة، بل كان كياناً متكاملاً امتلك جميع المقومات المطلوبة.
تجسد هذا الكيان في عدة أبعاد محورية: أولاً، الفائض في الروح الوطنية من خلال التمثيل المشرف للكرة المغربية في المحافل الدولية، بدون مقابل او مكافأة، بل حتى احيانا كانوا اللاعبين يساهمون من جيوبهم . وهو الدور الذي استمر في أدائه طوال العقد الأخير من تاريخه. ثانياً، التجسيد الواضح للدبلوماسية الموازية، فضلاً عن البعد السياحي في التعريف بالمغرب، إلى جانب أبعاد أخرى تظهر وتتضح كلما حقق النادي إنجازات جديدة.
الانتشار العالمي والاعتراف الدولي
اكتسب فريق أجاكس شهرة واسعة في المملكة المغربية الشريفة وخارجها، حيث حظي باستقبالات رسمية من عدد كبير من عمداء عواصم العالم، منهم عمدة موسكو وبروكسيل وساو باولو وبون. كما تشرف بلقاء ملكة جمال العالم الفينيزويلية “إيرينا سايس” في كراكاس عاصمة فينيزويلا، واستقبله رئيس دولة فينيزويلا رافائيل كالديرا وخليفته هوغو تشافيز.
يبقى الحدث الأبرز في تاريخ النادي هو استقبال البابا يوحنا بولس الثاني لرئيس الفريق في الفاتيكان عام 1998. وفي لحظة تاريخية مميزة، صلى رئيس النادي في القدس ورفع العلم المغربي أمام المسجد الأقصى، ليصبح أجاكس أول فريق لكرة القدم في المغرب يطأ هذه الأرض المقدسة.
علمني أجاكس دروس الحياة من خلال الرياضة و معاني سامية عديدة: كيف أحب الرياضة والوطن، وكيف أتحمل التحديات والصعاب، وكيف أقاوم وأصد خيانات المتآمرين. تعلمت منه كيف أستأصل جذور الخوف من الأعماق، وكيف أناضل حتى لا يموت الحب ولا تنطفئ الأشواق. غرس في نفسي الإيمان والصبر والأخلاق الكريمة، وعلمني كيف أبحر رغم قسوة الشطآن وصعوبة التضاريس ورهبة المكان.
ارتبطت روحي روحي بالنادي و
التحم اسمي باسم أجاكس فأصبحنا روحين تسكنان جسداً واحداً، في ما يشبه الزاهد الصوفي في محرابه. إن محرابي ومعبدي هو ملعب كرة الصالات، فعندما أشاهد مبارياته أشعر وكأنني أغتسل بماء زلال تحت شلال التاريخ، يبلل جسدي بزخات الرجولة وعزة النفس وقوة الشخصية.
التاريخ الذي صنعته بيدي وكفاحي وتضحياتي الجسيمة يدخلني دائماً في لحظات من الاعتزاز والشهامة. إن كبريائي وافتخاري بدخول بوابة تاريخ الرياضة المغربية بصفتي رائداً لهذه الرياضة في وطني يعد شرفاً لا يقدر بثمن، أحببتها كما كنت أحب والديَّ، وكنت أتضرع منها الرضا كما أنشده كلما طبع والداي قبلة على كفي.
لا أزال أحتفظ بنفس المشاعر، ولا يزال إحساسي بالافتخار ينمو في وجداني، حتى راودني الخوف من وجود كائن يسكنني ويصنفني في خانة عشاق اللعبة المتيمين بها. هذه اللعبة البسيطة التي جلبت النصر للمغرب وحققت له ما لم تحققه رياضات أخرى نالت الجزء الأكبر من الدعم والرعاية والاهتمام.
كان لي شرف غرس بذورها في قلوب الكثيرين ممن أصبحوا اليوم عاشقين لها، آمنت بالمثل القائل “غرسوا فأكلنا ونغرس ليأكلوا”. هكذا عشت قصة عشق طويلة فأصبحت مفتوناً من رأسي حتى قدميَّ.
ساعدتني خبرتي الطويلة على الغوص في تفاصيلها واكتشاف خباياها وأسرارها، فراهنت على تحدي الصعوبات بطرق مختلفة، تارة بالقفز العالي وتارة بالقفز بالزانة وتارة بالركض نحو الأمام. سلاحي في ذلك العزيمة والإرادة وطموح جارف لا حدود له.
كنت دائماً أشعر بالتفاؤل وهو يغمرني، وكان إحساس النصر يسكنني ويزورني حتى في أصعب المواقف، يهمس في أذني ألا أضع السلاح وألا أستسلم في ساحة المعركة. لم أتذكر يوماً وأنا أقدم على مغامرة جديدة أن لفني التشاؤم أو جذبني إلى الوراء، لأنني كنت دائماً أعتقد أن الإحساس بالتشاؤم والتفكير في الإخفاق صخرة تتحطم عليها مجاديف مركب الأحلام.