الخطوط الحمراء المصرية في السودان أمن قومي مشترك ورسالة ردع واضحة
بقلم رامي السيد
نائب رئيس شبكة النايل الاخبارية
لأول مرة منذ اندلاع الحرب في السودان في أبريل 2023 تلوح مصر بشكل رسمي ومباشر بإمكانية التدخل العسكري لحماية الأمن القومي المصري–السوداني مستندة إلى اتفاقية الدفاع المشترك وإلى ما يكفله القانون الدولي من حق الدول في الدفاع عن أمنها القومي وحماية الاستقرار الإقليمي هذا الموقف لا يمكن قراءته بوصفه تصعيدا عابرا بل هو رسالة سياسية وأمنية محسوبة تعكس خطورة اللحظة وحساسية المشهد السوداني
لقد حددت مصر بوضوح ثلاثة خطوط حمراء تمثل جوهر الرؤية المصرية للأزمة وتكشف عن إدراك عميق لتداعيات انهيار الدولة السودانية على الإقليم بأكمله
أولا الحفاظ على وحدة السودان وسلامة أراضيه
تؤمن مصر أن وحدة السودان ليست شأنا داخليا سودانيا فحسب بل ركيزة أساسية من ركائز الأمن القومي العربي والإفريقي أي عبث بمقدرات السودان أو استنزاف ثرواته في ظل الفوضى المسلحة يفتح الباب أمام قوى خارجية تسعى لتفكيك الدولة ونهب مواردها بما يحول السودان إلى ساحة صراع دائم يهدد استقرار دول الجوار وفي مقدمتها مصر
ثانيا رفض أي محاولات لانفصال أجزاء من الأراضي السودانية
تجربة الانفصال في المنطقة أثبتت أن تفكيك الدول لا يجلب السلام بل يرسخ الصراعات ويعيد إنتاج الأزمات ومن هذا المنطلق ترى مصر أن أي مسار يقود إلى تقسيم السودان أو فرض أمر واقع انفصالي يمثل تهديدا مباشرا للأمن الإقليمي ويخلق بؤر توتر مزمنة على حدودها الجنوبية
ثالثا الحفاظ على مؤسسات الدولة السودانية
الدولة لا تختزل في الجغرافيا وحدها بل تقوم على مؤسساتها الوطنية انهيار المؤسسات السودانية يعني سقوط الدولة في قبضة المليشيات والفوضى ويؤدي إلى فراغ أمني خطير وتدفقات لاجئين وانتشار للجريمة العابرة للحدود لذلك تشدد مصر على ضرورة منع المساس بالمؤسسات السيادية والخدمية باعتبارها العمود الفقري لأي تسوية سياسية مستقبلية
إن الموقف المصري رغم حزم نبرته لا ينفصل عن دعم الحل السياسي ووقف إطلاق النار بل يأتي كإطار ردع لحماية ثوابت لا تقبل المساومة فمصر تدرك أن استقرار السودان هو امتداد طبيعي لاستقرارها وأن ترك الأزمة تتفاقم دون ضوابط يحمل الجميع كلفة باهظة
في المحصلة ترسم القاهرة معادلة واضحة الدعم الكامل لوحدة السودان ومؤسساته والانحياز لإرادة شعبه مع رفض قاطع لأي سيناريو يقود إلى التفكيك أو الفوضى إنها رسالة موجهة للداخل والخارج على السواء مفادها أن أمن السودان من أمن مصر وأن الخطوط الحمراء حين تعلن فإنها تعلن لحمايتها لا لاختبارها
الخطوط الحمراء المصرية في السودان أمن قومي مشترك ورسالة ردع واضحة

