كيف غير انتصار أكتوبر خريطة الشرق

“كيف غير انتصار أكتوبر خريطة الشرق
الأوسط؟”كتب..اشرف زقلة
في ذكرى انتصارات أكتوبر المجيدة، تبرز هذه الحرب باعتبارها لحظة فاصلة في تاريخ الأمة العربية، غيّرت معادلات الإقليم ورسخت قيم الوحدة والقدرة على استعادة الهيبة والحقوق.تميّزت حرب أكتوبر 1973 بتكاتف عربي غير مسبوق، إذ قامت مصر وسوريا بشن هجوم مفاجئ ضد القوات الإسرائيلية في سيناء والجولان، وشاركت العديد من الدول العربية بالدعم السياسي والمادي والعسكري، ما صاغ ملامح عصر عربي جديد يُعلي التنسيق الجماعي. هذا التضامن تجلى بأبسط صوره في مقاطعة النفط العربي لدول الغرب الداعمة لإسرائيل، فأصبح سلاح الطاقة للمرة الأولى محوراً في معادلات الصراع الدولي وأظهر القوة الكامنة في وحدة الموقف العربي.على المستوى العسكري، حطمت انتصارات أكتوبر أسطورة التفوق الإسرائيلي وجيشه الذي لا يُقهر، بعد عبور الجيش المصري قناة السويس وتحطيم خط بارليف الحصين. في ذات الوقت، نجحت القوات السورية في تحقيق تقدم مفاجئ في الجولان. بذلك، استرد العرب الثقة في إمكانياتهم واستعادت الشعوب العربية الكرامة بعد سنوات من الإحباط الذي أعقب هزيمة 1967.ولم تقتصر آثار تلك الحرب على الجانب العسكري، بل امتدت لتترك بصمتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية. فقد تغيرت خريطة التحالفات في المنطقة، ودخلت مصر في حوار مع الولايات المتحدة بعد سنوات من القطيعة، في حين أعادت الحرب النظر في التوجهات الاقتصادية للدول العربية، ودفعت نحو توظيف القدرات الاقتصادية لخدمة القضايا القومية. كما تصاعد زخم القضية الفلسطينية على أجندة العالم، وبرزت مكانة العرب في المحافل الدولية.هذه الوقائع المجيدة تؤكد أن حرب أكتوبر بنت جيلاً جديداً من الثقة والوع والقدرة على المبادرة والمناورة، وأعادت رسم خريطة العلاقات الإقليمية والدولية لصالح العرب. عكست التضامن العربي وروح الإرادة الشعبية إمكانيات التغيير حين تتوفر الوحدة الحقيقية، فكانت أكتوبر نموذجاً يُحتذى في توظيف جميع الأدوات المتاحة لاستعادة الحقوق وصون الكرامة.إن انتصارات أكتوبر تظل درساً حياً للأمة العربية، تؤكد أنّ التلاحم والاعتماد على الذات قادران على مواجهة أصعب التحديات وصناعة التحولات الكبرى في تاريخ الشعوب