مقالات

المغرب ومونديال 2030: حلم عالمي ومسؤولية وطنية

المغرب ومونديال 2030: حلم عالمي ومسؤولية وطنية

 

شبكة النايل الإخبارية: المغرب

بقلم مصطفى الغليمي

 

في عام 2030، سيعيش المغرب لحظة فارقة في مسيرته الحديثة، إذ سيشارك لأول مرة في تنظيم نهائيات كأس العالم لكرة القدم، بالشراكة مع إسبانيا والبرتغال. مناسبة رياضية كبرى، لكنها في جوهرها امتحان شامل لقدرة المملكة على الجمع بين الطموح الرياضي والرؤية التنموية المتكاملة.

 

مع اقتراب الحدث، تبدو البلاد في سباق مع الزمن. مشاريع بنى تحتية تتوالى من الشمال إلى الجنوب، ملاعب تحدث، وطرقات توسع، ومطارات ترمم، وفنادق تبنى أو تجدد. طفرة عمرانية واضحة، لكنها تثير تساؤلات مشروعة: هل سيكون لهذه الاستثمارات أثر دائم يتجاوز لحظة التظاهرة؟ وهل سيستفيد منها المواطن بنفس القدر الذي سيشعر بها الزائر؟

 

الرهان لا يقتصر على الجوانب التقنية والتنظيمية، بل يشمل أيضا الخدمات اليومية التي تشكل تجربة السائح والزائر. من لحظة الوصول إلى المطارات إلى غاية المغادرة، تمر هذه التجربة عبر سلوك المسؤولين و العاملين بالمطارات، ومرونة الإجراءات، ونظافة الأماكن العامة، واحترام الوقت. لذلك، من الضروري العمل على تحديث الإدارة، تحسين التواصل، تكوين الموارد البشرية، وتشجيع القطاع الخاص على تبني الجودة في أدق تفاصيل خدماته.

 

الصورة التي سيحملها العالم عن المغرب لا تتوقف عند حدود الملاعب أو المنشآت الحديثة. بل تتجلى في نظافة الشوارع، وتناسق الفضاءات الحضرية، ودفء التعامل مع الآخر، وإحساس الجميع بالأمان والانتماء. لهذا، يبقى من المهم تعزيز ثقافة الاحترام والانفتاح، وتوفير بيئة مرحبة لكل من يحل بالمملكة.

 

وإذا كان كرم الضيافة جزءا من الهوية المغربية، فإن التحدي الحقيقي هو جعله منظومة احترافية تليق بحجم الحدث. من المرشدين السياحيين إلى العاملين بالفنادق والمطاعم، مرورا بوسائل النقل وخدمات المعلومة( خدمات الإرشاد )، الجميع معنيون برفع مستوى الأداء، بروح المسؤولية والانفتاح.

 

الجانب البيئي أيضا يفرض حضوره بقوة. فالعالم يتجه نحو تنظيم أحداث أكثر احتراما للمناخ والموارد. والمغرب، بتراثه الطبيعي المتنوع، مطالب بجعل هذا المونديال نموذجا للتوازن بين التنمية والحفاظ على البيئة، من خلال وسائل نقل حظيثة و نظيفة، وتدوير فعال، وحماية للمناطق الحساسة بيئيا.

 

النجاح في تنظيم حدث بهذه الضخامة يتطلب أيضا تدبيرا شفافا وفعالا. الحوكمة الجيدة، والمراقبة المالية، وضمان النزاهة في إنجاز الصفقات، كلها عوامل ستحدد مدى مصداقية التجربة المغربية. كما أن الاعتماد على التقنيات الحديثة في مجال الأمن وتنظيم الحشود، سيعكس مدى قدرة المملكة على مواكبة معايير التنظيم العالمي.

 

كأس العالم 2030 لن تكون فقط فرصة رياضية، بل أيضا بوابة دبلوماسية لتعزيز مكانة المغرب في محيطه الإقليمي والدولي. حدث قادر على إبراز غنى الثقافة المغربية وتنوعها، وتأكيد دور المملكة كجسر تواصل بين إفريقيا وأوروبا والعالم العربي.

 

ويبقى التحدي الأجمل هو ما بعد المونديال. هل سنتمكن من تحويل هذا الزخم إلى مسار تنموي مستدام؟ هل سنجعل من 2030 نقطة انطلاق نحو مغرب أكثر إشراقا وعدلا وانفتاحا؟ تلك هي الأسئلة التي يجب أن تظل حاضرة، ونحن نرسم الطريق نحو المستقبل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى