الكلمات كالسلاح: كيف يمكن أن تقودك التعليقات إلى قفص الاتهام

الكلمات كالسلاح: كيف يمكن أن تقودك التعليقات إلى قفص الاتهام
بقلم المحامي/ محمود محمد موسى ⚖️
في عصر التواصل الاجتماعي، أصبح التعبير عن الرأي سهلاً وسريعاً، لكن في بعض الأحيان قد تتحول الكلمات إلى أداة تؤذي الآخرين، مما يؤدي إلى عواقب قانونية جدية. قد تبدو التعليقات الساخرة أو العاطفية غير ضارة، لكنها قد تؤدي إلى قضايا تتعلق بالسب والقذف والتشهير. هذه القضايا ليست مجرد كلمات، بل تمثل اعتداءً على الشرف، وقد تكون سبباً للعقوبات القانونية. لذلك، من الضروري فهم الفروقات بين هذه الجرائم وكيفية التعامل معها.
السب هو عبارة عن إهانة مباشرة، حيث يتم استخدام كلمات جارحة دون توجيه اتهام محدد. على سبيل المثال، وصف شخص بأنه “تافه” يعد سباً، لكنه لا يتضمن اتهاماً بجريمة. من ناحية أخرى، القذف يتضمن توجيه اتهام لشخص معين بارتكاب جريمة أو فعل مشين، مثل وصف شخص بأنه “حرامي”. هذا النوع من الاتهامات أكثر خطورة، حيث يؤثر بشكل مباشر على سمعة الشخص. وأخيراً، التشهير هو نشر هذه الإهانات أو الاتهامات بشكل علني، سواء عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو في التجمعات العامة، مما يجعل الأذى أكثر عمقاً.
القانون المصري يتعامل بجدية مع هذه الجرائم، حيث يحدد عقوبات واضحة لكل منها. على سبيل المثال، قد تصل عقوبة السب إلى غرامة تتراوح بين 2000 إلى 10000 جنيه، بينما القذف قد يعاقب بالحبس لمدة تصل إلى سنة مع غرامة تصل إلى 7500 جنيه. وإذا كان القذف موجهًا ضد موظف عام، فإن العقوبة قد تصل إلى سنتين. من المهم أيضًا ملاحظة أن استخدام الإنترنت لنشر هذه الإهانات قد يؤدي إلى عقوبات أشد وفقاً لقانون الجرائم الإلكترونية.
إثبات الجريمة في هذه الحالات قد يكون سهلاً بفضل التكنولوجيا. يمكن أن تكون لقطة الشاشة أو الرسائل النصية أو تسجيلات الصوت أو الفيديو أدلة قوية في المحكمة. محكمة النقض أكدت أن الأدلة الرقمية يمكن أن تكون موثوقة وتستخدم في اتخاذ القرارات القانونية. هذا يعني أن أي تعليق تم نشره على الإنترنت يمكن أن يتحول إلى دليل ضد الشخص الذي قام بنشره.
إذا تعرض الشخص للإهانة، يجب عليه اتخاذ خطوات قانونية واضحة. من الضروري تقديم بلاغ في قسم الشرطة أو النيابة مع كافة الأدلة المتاحة. يجب أن يتم تقديم الشكوى في غضون ثلاثة أشهر من وقوع الحادث، حيث أن التأخير قد يؤثر سلباً على القضية. النيابة ستقوم بالتحقيق وقد تستعين بخبراء تقنيين لتقييم الأدلة المتاحة.
في النهاية، يجب أن يتذكر الجميع أن حرية التعبير تعني أيضاً تحمل المسؤولية عن الكلمات التي يتم استخدامها. النقد البناء والتعبير عن الرأي حق مشروع، لكن عندما يتحول الكلام إلى إهانة، يصبح الشخص عرضة للمسائلة القانونية. يجب التفكير جيداً قبل الإدلاء بأي تصريح، حيث أن الكلمة قد ترفع الشخص أو تضعه في قفص الاتهام. الكرامة والسمعة هما شيئان لا يمكن تعويضهما، لذا يجب توخي الحذر في كل ما يُكتب ويُنشر.