مقالات

السبوبه السياسية والأمل الجديد

 

بقلم : على امبابي 

لاشك أننا تأكدنا خلال الفتره التى انقضت ، على مدار أكثر من عشرة  أعوام أن كل الايدلوجيات  بحاجة إلى التجديد. 

لأن  وبصراحه مطلقه ، وبكل حيادية نجد أن  الأفكار والعقائد الاجتماعية تخضع لنفس القاعدة. 

تجديد الخلية 

الثقافات والأيديولوجيات ليست استثناءً من ضرورة التجديد  بما يشبه تجديد الخلية نفسها بنفسها .

فكل فكرة أو منظومة فكرية تحمل في داخلها عوامل شيخوختها وفنائها، ما لم تجدد و تراجع وتتكيف.

وإن لم يبطل المفكرون والمصلحون مفعول القنابل الكامنة داخل هذه العقائد، فإنها لا تزدهر، بل تنقرض.

وهكذا تموت الثقافات، كما تموت الخلايا، بفعل التصلب والجمود والانغلاق.

لكن ما يجري في المجتمع المصري اليوم، وعلى مدار أكثر من عشرة أعوام ، لا يندرج حتى ضمن هذه الديناميكية الطبيعية للموت والتجدد.

فـ”الأحزاب” السياسية التي تتحكم بمصير الدولة لا هي متجددة، ولا تحمل مشروعًا فكريًا حيًا.

في واقع الأمر، لا تمتلك هذه الكيانات ما يمكن تسميته أيديولوجيا أصلاً.

تجمعات مجتمعيه

إنها مجرد تجمعات  مجتمعيه ، تتمحور حول أفراد، وتتخذ من العمل السياسي وسيلة للوصول إلى السلطة، لا وسيلة لخدمة الدولة أو المواطن.

وبنظرة موضوعيه نجد أن الأحزاب التي تصدّرت المشهد لم تسعَ لبناء دولة مواطنة، أو تحقيق نهضة اقتصادية، أو ترسيخ أمن مستدام.

لم تقدّم رؤية للتنمية البشرية، ولا استراتيجية واضحه  تدير بها مشكلات المجتمع  ولم يكن لها رؤية واضحة للمستقبل السياسي .

بل تحولت إلى أدوات لتقاسم السلطة والامتيازات، وإعادة إنتاج استغلال المال السياسي ، للوصول إلى الأهداف الغير معلنه .

وتوزيع المناصب كغنائم بين أطراف محلية مدعومه ماليا.

إن ما يُسمى بـ”التحالفات السياسية” في هذه الحقبه لا يخرج عن كونه ترتيبات ظرفية لاقتسام النفوذ، تُعيد تدوير نفس النخب،

وتُقصي الكفاءات، وتستبعد أصحاب المشاريع الوطنية الحقيقية. ويكفي أن نتأمل كيف يتغير خطاب هذه الكيانات  وولاءاتها بحسب “الحصان الفائز”.

تشكيلات نفعية

لذلك نجد  أننا لا نقف أمام كيانات سياسية، بل أمام تشكيلات نفعية، تُكيّف نفسها مع موازين القوى الماليه وتستقوي بها على المواطن البسيط .

ولقد تحولت الانتخابات من فرصة للمحاسبة إلى موسم للمزايدات وشراء الأصوات، فيما يتراجع حضور المواطن الفاهم  .

والمدرك لخطورة اختيار نائب له بالغرف البرلمانية كمفهوم ومؤسسة ومشروع.

الحديث عن “تعددية حزبية” ، في ظل هذا المشهد، يبدو أقرب إلى الوهم.

نحن أمام بيئة سياسية مصابة بالشيخوخة المبكرة، لا تملك أدوات التجدد.

ولا تتيح مساحة للتغيير الحقيقي، بل تحاصر كل محاولة للإصلاح أو إعادة البناء.

ورغم هذا الواقع القاتم، فإن المواطن المصري يقف اليوم أمام مفترق طرق حاسم: بين الاستمرار في مقاطعة الانتخابات،  كفعل احتجاجي على أشخاص فاقدين  للشرعية الشعبية.

وبين خيار المشاركة الواعية والهادفة. وعلى الرغم من وجاهة دوافع المقاطعة، فإن الاستسلام لها بشكل مطلق قد يترك الساحة فارغة .

أمام ذات القوى  التي أفسدت العمليه الانتخابيه لاستخدامها المال السياسي،  كنوع من أنواع الضغط على المواطن العادي الذى يذهب إلى صندوق الاقتراع .

الدفاع عن مصالح الشعب 

لكن في الفترة الأخيرة، بدأت تتشكل نواة من الشخصيات المدنية، والقيادات السياسية البارزة فكرا وعلما وشعبية ،

والمبادرات الوطنية الجادة التي تتحدث بلغة مختلفة:

لغة الدفاع عن مصالح الشعب والمواطن البسيط ، والتصدي للفساد، ومحاولة استعادة الشارع السياسي من قبضة هؤلاء الذين أفسدوا الحياة السياسية وجعل المواطن عباره عن سلعه تباع وتشترى  .

المشاركة الواعية في الانتخابات، إذًا، لا تعني التصديق على الوضع  القائم، بل يمكن أن تتحول إلى أداة مقاومة مدنية،

ودعم للقوى الجديدة التي تُشكّل نواة  حقيقية لمستقبل جديد وإعادة الوعي للمجتمع .

فالتغيير لا يحدث دفعة واحدة، بل بالتراكم، وبالرهان على القادرين على حمل مشروع وطني حقيقي.

إن الوطن  لا يحتاج إلى جمهور غاضب فحسب، بل إلى مواطن فاعل، يعيد توجيه صوته حيث يستحق.

ويدعم من يقف في خندق الوطن، لا في خنادق السبوبه .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى