Uncategorized

البطل أمين مباشر وحرب اكتوبر 1973

كتب : د.عبدالله مباشر  رومانيا 

 ( ●● في نهاية عام 1972..
طلب “الرئيس البطل الراحل أنور السادات”؛
من “عبد السلام جلود.. رئيس وزراء ليبيا الأسبق والرجل الثاني”..
أن تبرم ليبيا صفقة صواريخ متحركة “كروتال” مع فرنسا، لترافق القوات المصرية في أثناء تقدمها في سيناء في حال قيام الحرب هناك؛ ذلك أن الاتحاد السوفياتي لم يكن يملك صواريخ مماثلة لها..

فذهب “جلود” إلى فرنسا وأبرم الصفقة – وبكل أمانة لقد كانت “ليبيا” هي صاحبة الدور الأكبر والرائد في دعم الجبهة المصرية، فزوت مصر بطائرات “ميراج”، كما اشترت من أوروبا الجسور التي عبرت عليها القوات المصرية “قناة السويس”، واشترت أيضا القوارب التي استخدمتها القوات المصرية للعبور، فضلًا عن أجهزة الرؤية الليلية “بالليزر والأشعة الحمراء وفوق البنفسجية”، كما شاركنا بلواء لمدفعية متحركة بقيادة “المقدم خليفة حفتر”، وهي أول من عبر القناة..

ولأن مصر لم تكن تمتلك “مدفعية ذاتية الحركة”، وهذه مدفعية حديثة عيار 155 مليمترًا، فقد اشترتها من إيطاليا وساهمت بها في الحرب..

لقد كانت الصفقة بين ليبا والجانب الفرنسي تزيد على 120 مليون دولار، وهي أكبر صفقة تبرمها فرنسا في ذلك الوقت، وتتضمن طائرات “ميراج-5″ و”ميراج-3”.. صفقة عندما تسرب اخبارها أُقيل مدير المبيعات العسكرية الفرنسي، ثم قُتل في ظروف غامضة!!..

●● بعدها بعدة أشهر……
وقبيل الحرب؛
زار السادات ليبيا وقال لعبدالسلام جلود الذي كان وقتها يرأس مؤسسة الصناعات الحربية بين مصر وليبيا والكويت : “يا عبد السلام، أريدك أن تذهب إلى صديقك جيسكار ديستان رئيس فرنسا، عندي صواريخ “القاهر” و”الظافر” ينقصها نظام التوجيه، وهي مهمة في الحرب.. اطلب منه أن يوافق على تزويدنا بنظام التوجيه لهذه الصواريخ”..

وبالفعل سافر “جلود” الى فرنسا واجتمع بجيسكار ديستان وحصلت على موافقته، وأن تقوم شركة “مترا” بتزويد هذه الصواريخ بأجهزة التوجيه لمصر على أن تدفع ليبيا التكاليف..
وتولى التدريب عليها ضباط وعساكم ليبيين ومصريين – الذين تم منحهم جوازات سفر ليبية كنوع من خطة الخداع – !!..

●● وقبيل حرب 6 أكتوبر 1973، بأيام….
(25 سبتمبر 1973 )؛
•• كان “عبدالسلام جلود” في مصر يقيم في فندق “الشيراتون”. وجاءه “أشرف مروان” وقال له : “السادات عاوزك بسرعة”، فذهب إلى منزل السادات بالقرب من الفندق، وجدته في الشرفة يرتدي الجلباب المصري التقليدي والغليون في فمه، وكان يضع ساقيه فوق الطاولة!…

•• قال له: “يا عبد السلام، أنتم مش ح تصدّقوني، وأنا مش ح أقول لك عن موعد الحرب؛ إنما لن يزيد عن أصابع اليدين، وأنا بعد الحرب ح أنصفكم أمام الأمة العربية على الدور والجهد الذي قمتم به من أجل المعركة”، ثم أضاف: “أنا عاوز منكم 4 أشياء: أولًا، أن تزودوني بسرب ميراج آخر؛ ثانيًا، أن تزودوني بالنفط والغاز طوال أيام الحرب؛ ثالثًا، أن تشكل ليبيا قاعدة خلفية لي، وأن أنقل كل السفن وطائرات النقل إلى ليبيا؛ وأخيرًا، أن تزودوني برعيل صواريخ ‘الكروتال’، لأنني أريد أن أضعه في الإسماعيلية”!..

• قال “جلود” له : “أنا موافق على الطلبات الثلاثة الأولى، أما الطلب الأخير بخصوص ‘الكروتال”، فهو ثلاث عربات قتال وعربة قيادة، ومعنى هذا أن فرنسا ستلغي الصفقة، أي ستلغي 200 قطعة ̓”كروتال̒”.. وسوف نخسر الصفقة، وأنتم قلتم إنكم تريدون ‘الكروتال’ كدفاع جوي متحرك عند التقدم في سيناء”..

ونقل الأمر إلى “العقيد القذافي” الذي رفض الأمر واتفق مع “جلود” إرسال رساله الى “السادات” يقولون فيها: “إن هذا الأمر سيقود فرنسا إلى إلغاء الصفقة، وإن ثلاث عربات ‘الكروتال’ وعربة القيادة لن تغير شيئًا من نتيجة المعركة”..

بعد ذلك، اتصل معمّر بالرئيس الجزائري “بومدين” هاتفيًا وقال له: “السادات قرّر الحرب الكارثية، وطلب منّا أن نبلغك بقرار الحرب”. في الواقع، إنّ السادات لم يطلب منّا الاتصال بالرئيس بومدين، ولكن بومدين كان يقول دومًا: “لا يمكن للجزائر أن تشترك في حرب لا علم لها بها، ولم تستشر بشأنها”..

ولذا، ارتأى جلود والقذافي أن يعلما بومدين بقرار السادات؛ حتى لا يتخذ موقفًا سلبيًا من الحرب، كما ابلغناه برفضنا لطلب السادات الخاص بالكروتال!!..

¤¤ لتبدأ اللحظة الحاسمة والفاصلة في القصة…….
لم يوافق “جلود” على طلبين فقط للسادات..
بل وافق على الطلبات الثلاث؛
بما فيهم الطلب الأخير بخصوص ‘الكروتال”،

●● لكن كيف يتم نقل ثلاث عربات قتال وعربة قيادة، دون ان يعرف جواسيس كل الاطراف الذين كانوا منتشرين في الملعب “الليبي” بمن فيهم جواسيس إسرائيل؟!.. أو أن تعرف فرنسا فتلغي الصفقة؟!..

•• عشرات الأفكار والخطط المتبادلة بين الطرفين المصري والليبي دون الوصول إلى حل مثالي لعملية “النقل”..
حتى وجدت القيادات العسكرية المصرية مقترح من “مهندس شاب أسمر” عين منذ فترة قصيرة مسؤلا عن أنشطة ومشاريع “شركة المقاولين العرب” في ليبيا يدعى:
( المهندس أمين عبدالله مباشر )..

▪︎ إزاي يا مهندس أمين ننقل “الميراج” و”الكروتال” لمصر من غير ما حد يعرف.. انت يا تقول حاجه منطقية يا بلاش من أصل الكلام وتضييعه؟!..
• يا فندم باختصار شديد ها نفككهم وننقلهم جوه هياكل وهمية للودرات والاوناش الخاصة بشركة المقاولين العرب و”حواشيهم” وفي مخازن سرية ممكن نضيفها ليها تحت بند إننا محتاجين الاوناش دي في استكمال مشروع مجمعات سكنية في مدينة
“طبرق” ومن هناك على بعد 16 كيلومتر جنوبا “قاعدة جمال عبد الناصر الجوية” ننقل قطع “الميراج” و”الكروتال” لمصر ، وحتى في حالة غلق المطارات سهل نقل القطع المطلوبة عبر طائرة عسكرية “لوكهيد سي 130″، وهي طائرة يمكنها أن تهبط في أيّ ممرٍّ ممهّد..
• لكن الوقت مش هايسمح.. احنا محتاجين القطع خلال 4 أيام تكون في مصر؟!..
• يضع “المهندس آمين مباشر” 5 ورقات تتضمن كافة تفاصيل الخطة محسوبة بالدقائق وعدد العمال من لحظة اشارة التنفيذ وحتى تحرك الطائرة على الممر..
•• لم يكن أمام القائد المصري الا أن طلب منه انتظار مكالمة منه بعد الرجوع إلى القيادة في مصر..

●● بعد عدة ساعات..
• يرن الهاتف في مكتب المهندس آمين مباشر في مقر فرع المقاولين في طريق السوانى الكيلو 10.5 بمدينة طرابلس وعلى الجانب الآخر “القائد العسكري المصري” : نفذ يا آمين!!..
• يلي تلك المكالمة مكالمة أخرى لكن هذه المرة من القاهرة وعلى الطرف الآخر “المهندس عثمان احمد عثمان” : ربنا معاك يا آمين والرئيس السادات بيقولك انت والرجالة مصر معاكم!..
• مكالمة ثالثة: مهندس أمين.. انا عبدالسلام جلود اللي تبغاه يكون

●● وتبدأ ملحمة بطولية أسطورية مصرية جديدة..
• تفكيك قطع عسكرية شديدة الدقة ثم إعادة تحميلها في مخابى سرية داخل اوناش ولودرات وعربات بشكل صعب.. ثم نقلها في طرق لا يعرف إلا الله وحده ماذا سيجدون عليها، وهل وصل الأمر إلى الأعداء الذين لن يسمحوا باي شكل باتمام العملية حتى لو كان الثمن دماء “آمين مباشر ورجاله”..

•• ملحمة ملحمة بطولية أسطورية مصرية جديدة..
لم تكن كافة تفاصيلها أو مراحلها هينة..
بل كان هناك ما في الأحداث ما يشيب له الولدان..

لحظات ياس وانكسار ولحظات أخرى نطقت فيه الشهادة من الجميع ولحظات امل وانتصار عندما وصل “المهندس آمين” ومجموعته إلى ذلك الممر الذي وقفت فيه “اللوكهيد سي 130” حيث كانت كل القواعد اعتبرت مناطق حرب وغلقها..
•• قبل انقضاء مدة 72 ساعة بثلاث ساعات كانت الطائرة تشق طريقها إلى عنان السماء عائدة إلى مصر…..
بينما كان “المهندس آمين عبدالله مباشر”.. يحتضنها بعينها
وهو يهتف في قلبه “الله أكبر” ووراءه رجاله يهتفون بصوت عالي..

●● بعد عدة أشهر من العبور العظيم…
وفي إستراحة الرئاسة في القناطر الخيرية..
كان الرئيس يلتقي بالمهندس آمين مباشر وفي حضور “المعلم” المهندس عثمان احمد عثمان :
( شكرا يا آمين.. شرفتني انت ورجالتك )..

🖊 الآن….. ارقد بسلامٍ أيّها البطل العظيم ،
الليلة تزف إلى الجنة ، هنيئاً لكَ ولأصحابكَ المخلصين لهذا الوطن، هنيئاً للتّربة الّتي تشرّبت دماؤكَ وعرقكم من اجل اعمارها طيلة اعماركم الزكية….و هنيئاً لروحكَ الطّاهرةِ …
مع السلامة يا احد إيطالنا العظام….

رحم الله الفقيد وفى جنة الفردوس الأعلى

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى