عزف النصر: ملحمة كرة الصالات المغربية

عزف النصر: ملحمة كرة الصالات المغربية
شبكة النايل الإخبارية: محمد الجامعي
في قاعات تضج بالهتاف وأنفاس تحبسها الأنظار، تُكتب بحروف من نور حكاية نسائنا الأطلسيات. إنها ليست مجرد كرة تتقاذفها الأقدام الماهرة، بل هي قصيدة وطنية تُنشد بإيقاع الإصرار والعزيمة.
تسللت أشعة الأمل من شقوق الماضي لتنير دربًا طالما كان مظلمًا. فمنذ أن منح جلالة الملك محمد السادس، نصره الله، الضوء الأخضر لأجاكس القنيطري للمشاركة في مونديال الأرجنتين عام 94، كانت رؤيته ثاقبة تخترق حجب المستقبل. لم تكن نظرة عابرة، بل كانت بصيرة ملك أدرك أن هذه اللعبة ستحفر اسمها بين الرياضات الكبرى وستكتب تاريخًا مشرفًا للمملكة.
وها هي اليوم، تلك البذرة التي زُرعت بأيدٍ ملكية تؤتي ثمارها يانعة. كرة الصالات المغربية، تلك الفتاة المراهقة في عالم الرياضة، تنفض عن كاهلها غبار السنين لتعتلي منصة التتويج الأفريقي بخطى واثقة. في حين تتعثر أختها الكبرى، تمضي هي قدمًا لتصنع المجد وتنحت اسم المغرب على جدران القارة.
ما شهدته الملاعب الأفريقية من إبداع مغربي لم يكن وليد الصدفة. إنه إرث أجاكس القنيطري يتجسد من جديد، ليثبت أن الإصرار يصنع المعجزات حتى في غياب البنيات والهياكل. فحين تكون الحقيقة سلاحك والإيمان زادك، فالنصر حتمًا سيكون حليفك.
ما رأته العيون من مهارات خارقة أذهلت المتتبعين، كان أشبه بلوحة فنية رُسمت بأقدام لاعبات صغيرات في السن، كبيرات في الموهبة. “لم أصدق ما كانت عيناي تراه، ما فعله هذا المنتخب الفتي في دفاع الخصم يفعله النجوم بعد 10 سنوات خبرة. لقد مزق الجبهة الدفاعية بلا رحمة”.
هؤلاء اللبؤات الأطلسيات، بعزمهن الفولاذي، أرسلن رسالة مدوية للعالم: “سنواصل الرقص في قاعات الفلبين مع الكبار”. إنه وعد من بنات المغرب، سيتردد صداه في أرجاء المعمورة، وستبقى العاصفة الأطلسية تجتاح كل من يقف في طريقها.
تحية إجلال للمدرب عادل السايح، سليل تلك المدرسة القنيطرية العريقة، وللإطار الوطني هشام الدكيك، الذي أشرف بحنكة على صقل هذه المواهب. والشكر موصول للسيد فوزي لقجع على عنايته الفائقة بهذه اللعبة.
هذه الملحمة الرياضية ليست إلا انعكاسًا لملحمة وطنية أكبر يقودها جلالة الملك محمد السادس، أدام الله عزه، الذي زرع بذور النجاح في شتى المجالات، ليحصد المغرب اليوم ثمار رؤيته السديدة.
دامت رايات المغرب خفاقة في سماء المجد والتألق، ودام عز مولانا أمير المؤمنين، حفظه الله ونصره.