أماني عبد الرحمن بين التعليم والمسرح والرواية…..”حوار خاص ومختلف”

أماني عبد الرحمن بين التعليم والمسرح والرواية…..”حوار خاص ومختلف”
حوار محمد أكسم
“من قاعة الدرس إلى خشبة المسرح وصفحات الرواية… معلمة تعانق الحلم بالكلمة وتترك بصمة بالوجدان”
في عالم الأدب والإبداع، يظل هناك دومًا أولئك الذين لا يكتفون بأن يكونوا مجرد أسماء عابرة، بل يسعون ليتركوا بصمة واضحة في وجدان القارئ والمشهد الثقافي معًا, ومن بين هذه الأسماء اللامعة تبرز الكاتبة أماني عبد الرحمن، التي جمعت بين دورها التربوي كمعلمة لغة عربية، وبين شغفها الذي لا يهدأ بالكتابة الأدبية والمسرحية، لتصبح صوتًا مختلفًا وصادقًا ينحاز إلى الإنسان قبل أي شيء.
أماني عبد الرحمن ليست مجرد قلم نسائي يضيف سطورا جديدة إلى المكتبة العربية، بل هي تجربة متكاملة تعكس رحلة طويلة من الشغف والمعاناة والإصرار على تحقيق الحلم. عشقت الكلمة منذ كانت طالبة صغيرة، فكتبت الشعر، ثم الخواطر، إلى أن وجدت ذاتها في القصة القصيرة، لتتحول بعدها إلى المسرح والرواية، في مسار إبداعي متنوع يثبت أن الموهبة الحقيقية لا تحدها قوالب ثابتة, وقد كان عرض مسرحيتها “حلم” على خشبة مسرح ساقية الصاوي شاهدًا حيًا على قدرتها على تحويل الفكرة إلى عمل حي يواجه الجمهور بصدق وتجرد.
تميز أماني عبد الرحمن لا يكمن فقط في تنوع أشكال كتابتها، وإنما في قدرتها على الإمساك بجوهر التفاصيل الصغيرة في الحياة اليومية، ورؤيتها العميقة لقضايا المرأة والإنسان عمومًا. هي كاتبة تعرف كيف تجعل من المواقف العادية قصصًا نابضة بالحياة، ومن التجارب الإنسانية مادة أدبية تثير التفكير وتفتح باب النقاش.
إلى جانب ذلك، فإن أماني التي تحمل على عاتقها مسؤولية التعليم والتربية، استطاعت أن توفق بين رسالتها التربوية ومشروعها الأدبي. فالمعلمة التي تزرع بذور اللغة والحب للقراءة في عقول طلابها، هي نفسها الكاتبة التي تسعى عبر نصوصها إلى أن تفتح للقارئ أبوابًا جديدة للتأمل وإعادة اكتشاف ذاته, وهذا التضافر بين الدورين جعل منها شخصية ثرية إنسانيًا وفنيًا، قادرة على أن تمنح كل جانب من حياتها بعدا جديدا.
إنها باختصار كاتبة تؤمن أن الفن ليس ترفًا، بل ضرورة إنسانية، وأن الجمال يسكن في كل تفصيلة من تفاصيل الحياة. لذلك جاءت كتاباتها لتؤكد أن الأدب الحقيقي يظل جسرًا يصل بين البشر مهما اختلفت تجاربهم.
في هذا الحوار الخاص، نفتح مع الكاتبة أماني عبد الرحمن صفحات رحلتها مع الكتابة، ونتوقف عند بداياتها وأحلامها، ونقترب من رؤيتها للأدب والمسرح، ورسالتها التي تود أن تصل بها إلى القارئ، لتكتمل أمامنا صورة امرأة آمنت بقوة الكلمة، وسارت خلف شغفها حتى صارت واحدة من الأصوات الجديرة بالالتفات في المشهد الأدبي والمسرحي المعاصر.
الكاتبة والتربوية أمانى عبد الرحمن أهلا بكم فى موقعنا الالكتروني جريدة النايل الإخبارية
القارئ يتساءل: من هي أماني عبد الرحمن؟ وكيف بدأت رحلتك في الكتابة؟
أنا سيدة مصرية حاصلة على ليسانس الآداب قسم اللغة العربية – جامعة القاهرة، وأعمل معلمة لغة عربية، وأتابع في الوقت نفسه دراساتي العليا في المسرح. بدايتي مع الكتابة ترجع إلى مرحلة الدراسة؛ كنت أكتب الشعر وفزت في إحدى المسابقات بلقب “أفضل قصيدة”. وفي المرحلة الثانوية اتجهت إلى كتابة الخواطر، ثم في عام 2017 كتبت أول قصة قصيرة بعنوان “مع قطار الغلابة” ونشرتها عبر فيسبوك، ولاقت إعجاباً كبيراً، فتم تحويلها إلى مسرحية بعنوان “حلم” عُرضت على مسرح ساقية الصاوي. ومنذ ذلك الوقت توالت التجارب ما بين القصة والمسرح والرواية.
ما الوظيفة التي كنت تحلمين بها منذ الصغر؟
كنت أحلم بأن أكون مدرسة، أو أعمل في مجال الإذاعة والصحافة. وبالفعل أصبحت معلمة، وبعد أن استقرت حياتي الأسرية، عدت إلى الكتابة الصحفية والنقد المسرحي، ونُشرت لي مقالات في مسرحنا وعدة مواقع أخرى.
هل للغة العربية دور في تشكيل ميولك الأدبية؟
بالطبع، أحب اللغة العربية كثيراً، وكانت دائماً الأقرب إلى قلبي. صحيح أن الموهبة لا يشترط أن ترتبط بتخصص أكاديمي، لكن دراسة الأدب العربي وقراءة عمالقة القصة والرواية كان لهما أثر كبير في تكويني الأدبي. أنا أستمتع بالقراءة جداً، وأجدها منبع الإلهام الأول.
بدأتِ بالقصة القصيرة ثم المسرح فالرواية… لماذا هذا التنوع؟
لأنني أحب جميع الأشكال الأدبية وأجد نفسي فيها. الكتابة عندي وليدة اللحظة والتجربة، وليست مخططاً مسبقاً. أحياناً تفرض التجربة نفسها كقصة قصيرة، وأحياناً كمسرحية أو رواية.
ما الذي دفعك لاختيار المسرح والرواية كوسيلتين للتعبير؟ وما مصدر إلهامك؟
إلهامي يأتي من تفاصيل الحياة اليومية، ومن الواقع الذي نعيشه. أحياناً تكون تجربة إنسان بسيط أو تفصيلة صغيرة هي الشرارة التي تدفعني للكتابة.
من هم الكتاب أو المسرحيون الذين أثّروا فيكِ في مرحلة البدايات؟
توفيق الحكيم، فتحية العسال، نجيب محفوظ، وشكسبير، إضافة إلى عدد من كتاب الجيل الحالي الذين أعتبرهم مؤثرين أيضاً.
هل للأصدقاء مكانة خاصة في حياتك؟
بالطبع، الأصدقاء بالنسبة لي عائلة نختارها بأنفسنا، ولا غنى عنهم في حياتي.
هل الهدوء والموسيقى أصدقاء أماني عبد الرحمن؟
نعم، أحاول أن أوفر لنفسي لحظات من الهدوء والموسيقى وسط زحمة اليوم. أعتبرهما طاقة إيجابية وحافزاً للإبداع، وكل إنسان يحتاج إلى مساحته الخاصة ليستعيد توازنه.
ما معنى الجمال بالنسبة لك؟
أرى أن الفن هو تجسيد للجمال، كما أن الحياة اليومية مليئة بجماليات صغيرة؛ المودة، الرحمة، والتفاصيل البسيطة التي تمنح للحياة معناها.
كيف تختارين قضاياك ومواضيعك؟ وهل هناك تيمة تتكرر في أعمالك؟
غالباً ما أنحاز لقضايا المرأة والتحديات التي تواجهها، فهي محور متكرر في معظم كتاباتي.
هل واجهتِ صعوبة في التوفيق بين دورك كمعلمة وكاتبة؟
التحدي الأكبر كان في إدارة الوقت. لكن مع مرور الوقت اكتشفت أن هناك تضافراً بين الدورين؛ المعلمة تمنح الكاتبة خبرة إنسانية، والكاتبة تمنح المعلمة عمقاً ورؤية. أحياناً يحدث صراع، لكن في النهاية كلا الجانبين يغذي الآخر.
ما الرسالة التي تحاولين إيصالها من خلال كتاباتك؟
لا أؤمن بوجود رسالة واحدة أو محددة. الكتابة بالنسبة لي هي انفعال بتجربة إنسانية ما,أهم ما أطمح إليه هو أن يرى القارئ نفسه في شخصية من شخصياتي، فيكتشف ذاته أو يجد التعبير الذي كان يبحث عنه. الفن في جوهره لقاء مع إنسانيتنا المشتركة.
عادة سيئة تخلصتِ منها؟
أن أثق بالآخرين بسرعة.
ما هو أهم درس تعلمته خلال حياتك؟
أن تصدق نفسك وتعمل على تطويرها. هذا هو السبيل لتحقيق الأحلام.
ما الحكمة التي تؤمنين بها وتودين أن تورثيها للأجيال الجديدة من الكتاب؟
أن يجتهدوا ويتعلموا كثيراً، يقرأوا أكثر، وألا يتخلوا عن أحلامهم. عليهم أن يجربوا مجالات متعددة حتى يصلوا إلى ما يتوافق مع شغفهم الحقيقي.
ما أبرز إنجازاتك التي تفتخرين بها؟
أعتبر تلاميذي وأولادي أعظم إنجازاتي. حين أراهم ناجحين واثقين بأنفسهم وطموحين، أشعر أنني تركت أثراً حقيقياً في حياتهم.
في زمن السرعة والرقمنة… هل ما زال للمسرح والرواية تأثير كما كان في السابق؟
نعم، بالتأكيد. المسرح والرواية يظلان ركيزة أساسية في تشكيل الوعي والوجدان، مهما تغيرت الوسائط.
كلمة أخيرة توجهينها للقراء والمتابعين؟
أقول لهم: تعلموا كثيراً، اقرأوا باستمرار، جربوا، ولا تتخلوا عن أحلامكم. اجعلوا لحياتكم أكثر من شغف واحد، فالتنوع يمنحنا ثراءً إنسانياً وإبداعياً.
وفى النهاية بنشكر الكاتبة والروائية وايضا المعلمة والتربوية أماني عبد الرحمن على هذا الحوار الجميل