ثمانية مناصب ورجل واحد فوق القانون

ثمانية مناصب
ورجل واحد فوق القانون
شبكة النايل الإخبارية : المغرب / متابعة مصطفى الغليمي
في بلاد يُقال عنها إنها دولة المؤسسات، نكتشف أن شخصا واحدًا يمكنه أن يجلس على ثماني كراسٍ دفعة واحدة، و أن يوزع وقته بين الرياضة والسياسة والجماعات والبرلمان وكأنه “سوبرمان” لا ينام ولا يتعب. الحديث هنا عن محمد جودار، من لاعب كرة قدم في سباتة، إلى أستاذ رياضيات، ثم إلى رجل يجمع بين كل شيء:
أمين عام حزب الاتحاد الدستوري.
رئيس مقاطعة بنمسيك سيدي عثمان.
برلماني عن نفس المنطقة.
عضو مجلس جهة الدار البيضاء سطات.
نائب رئيس مجلس جماعة الدار البيضاء.
نائب رئيسة مجلس مجموعة الجماعات للماء والكهرباء.
رئيس عصبة الدار البيضاء لكرة القدم.
النائب الثاني لفوزي لقجع بالجامعة الملكية لكرة القدم.
ثمانية مناصب في بلد يئن شبابه من البطالة! ثمانية مناصب في بلد يقال لنا فيه كل يوم إن الموارد البشرية محدودة ثمانية مناصب لرجل واحد، وكأن المغرب كله لم ينجب سوى جودار
لكن الفضيحة لا تقف عند هذا الحد. لأن الأخطر من جمع المناصب هو احتقار القانون والدستور.
فهذا النائب البرلماني، الذي يفترض أنه مشرع، رفض منح المعلومة لمرصد محاربة الفساد. والمعلومة هنا ليست سرا عسكريا ولا خطة أمنية، بل مجرد تفاصيل عن ميزانية “الحفلات” وتوزيع المال العام. ومع ذلك، جودار قال “لا”. و أصدر أوامر اللا سامية من أجل عدم إعطاء المعلومة
هل يدرك السيد النائب أنه خرق الدستور نفسه؟
هل يعلم أن الفصل 27 من الدستور يضمن الحق في الوصول إلى المعلومة؟
هل نسي أن القانون 31.13 صادق عليه البرلمان الذي هو عضو فيه؟
أي رسالة يوجهها للمواطن وهو يرفض أبسط حق؟ أي صورة يقدمها عن نفسه كبرلماني وهو أول من يدوس على القانون؟
نحن أمام معادلة خطيرة: مناصب تتكاثر، وقوانين تتبخر.
في المقابل، المواطن العادي يحرم من أبسط حقوقه، و يعامل وكأن المعلومة ملكية خاصة للمنتخبين.
يا سادة، هكذا تقتل الديمقراطية: حين يتحول المسؤول إلى جامع للغنائم، وحين يصبح الدستور ورقا يُداس بالأقدام، وحين يعامل المواطن كمتسول يطرق أبوابا مغلقة بحثا عن معلومة تخص ماله العام.
إن محمد جودار ليس استثناءا، بل نموذجا لمرض سياسي اسمه احتكار المناصب، واحتقار القانون
وإذا لم تكن هناك محاسبة حقيقية، فسيتحول البرلمان إلى ملجأ لمخالفي القانون بدل أن يكون حاميا له.
فأي معنى لربط المسؤولية بالمحاسبة إذا كان المسؤول نفسه فوق القانون؟