مقالات

الخليج العربي ما بين دفع الجزية والوعود الترامبية

الخليج العربي ما بين دفع الجزية والوعود الترامبية

كتب : وائل عباس

 

منذ صعود الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، ارتبط اسمه بسياسة تقوم على الابتزاز العلني والضغط المباشر، لا سيما تجاه دول الخليج العربي. فقد بدا وكأنه يتعامل مع ثروات المنطقة باعتبارها “خزينة مفتوحة”، متذرعاً بالحماية العسكرية الأمريكية التي وصفها في أكثر من مناسبة بأنها لا تأتي بلا مقابل. وهكذا صار مصطلح “الجزية” يتردد في خطاباته، بشكل مباشر أحياناً، وبصياغات أكثر دبلوماسية أحياناً أخرى.

 

ترامب والعقاب السياسي

لم يكن ترامب مجرد رئيس يلوح بخطابات نارية، بل اتبع أسلوباً عملياً يعتمد على سياسة العقاب لكل من يخالف خططه أو يتردد في تنفيذ أجندته. العقوبات الاقتصادية، التهديد بالعزل السياسي، وخلق الأزمات الداخلية والخارجية كانت أبرز أدواته لتركيع الأنظمة التي لا تتجاوب مع تطلعاته الاستعمارية.

 

العصا والجزرة الأمريكية

هي السياسة ذاتها التي رسختها واشنطن لعقود طويلة: منح امتيازات هنا، وتوقيع عقوبات هناك. ترامب أعاد صياغتها بجرأة غير مسبوقة؛ فالعصا لم تعد خفية، والجزرة لم تعد مجانية. الدعم الأمريكي مرهون بالطاعة الكاملة، والمساعدات الاقتصادية أو العسكرية مشروطة بمدى الالتزام بخدمة مصالح واشنطن الاستراتيجية.

 

مصر بين الرفض والمقاومة

السؤال الأكثر إلحاحاً: هل تطال مصر هذه السياسة إذا رفضت الانصياع للتعليمات الأمريكية؟ خصوصاً فيما يتعلق بالملف الأخطر وهو تهجير الفلسطينيين إلى سيناء. مصر تاريخياً أعلنت رفضها القاطع لهذا المخطط الذي يستهدف تصفية القضية الفلسطينية على حساب أرضها وسيادتها.

إن محاولة فرض هذه الرؤية على مصر تعني الدخول في مواجهة مباشرة مع إرادة شعب ودولة، لا تقبل أن تكون جزءاً من صفقة مشبوهة. ولعل القاهرة أكدت مراراً أنها تتحرك وفق مصالحها الوطنية، لا وفق إملاءات خارجية، وأن سيناء جزء مقدس من التراب الوطني لا مجال للتفاوض عليه.

 

الخلاصة

إن سياسة ترامب تمثل نموذجاً فجاً للعصا والجزرة، حيث المال الخليجي يُستنزف مقابل الحماية، والتهديد بالعقوبات يلاحق كل من يخرج عن الطاعة. أما مصر، فهي بحكم تاريخها ومكانتها لن تكون ورقة في يد أي إدارة أمريكية، ولن تقبل أن تُبتز في قضية وجودية مثل سيناء أو التهجير القسري.

 

بهذا تبقى الإجابة مفتوحة: الخليج قد يدفع “جزية”، أما مصر فلن تقبل أن تكون جزءاً من معادلة الابتزاز مهما كان الثمن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى