اخبار عربية

عقوبات وتهديدات أدوات واشنطن لإسقاط كاراكاس

عقوبات وتهديدات أدوات واشنطن لإسقاط كاراكاس

بقلم الاعلامى رامي السيد 

لم تكن السياسة الأمريكية في أمريكا اللاتينية يوما بريئة من مطامع الهيمنة والسيطرة بل هي امتداد لعقيدة إمبريالية ترى في هذه المنطقة مجالا حيويا لواشنطن وحديقة خلفية ينبغي أن تبقى تحت الوصاية وفي قلب هذا المشهد تقف فنزويلا الدولة الغنية بالنفط والموارد والتي تحولت إلى ساحة مواجهة مفتوحة بين مشروع استقلالي بوليفاري يقوده نيكولاس مادورو وبين آلة العقوبات والتهديدات الأمريكية التي لا تهدأ

واشنطن لم تجد وسيلة أقدر على تطويع كاراكاس من الحصار الاقتصادي والعقوبات المالية التي طالت قطاع النفط شريان الحياة الفنزويلي وأثرت بشكل مباشر على معيشة المواطنين هذه السياسة تقوم على خنق الاقتصاد وإفقار الشعب على أمل أن يؤدي الضيق الداخلي إلى انفجار سياسي يطيح بالقيادة الشرعية إنها محاولة واضحة لاستخدام الجوع كسلاح سياسي في تناقض صارخ مع الشعارات الأمريكية عن الديمقراطية وحقوق الإنسان

إلى جانب العقوبات تواصل الولايات المتحدة حربها النفسية والسياسية عبر تهديدات متكررة لمادورو وصلت إلى حد رصد مكافآت مالية ضخمة مقابل القبض عليه وكأنه مجرم فار من العدالة لا رئيس دولة ذات سيادة هذه الخطوات غير المسبوقة تكشف حجم الإصرار الأمريكي على إسقاط كاراكاس حتى ولو كان ذلك على حساب القانون الدولي واستقرار المنطقة

كما أن واشنطن لم تتردد في دعم معارضين وتقديمهم كبدائل سياسية وهمية في محاولة لشرعنة مشروعها لإزاحة مادورو لكنها لم تفلح في كسر صمود النظام ولا في إحداث انقسام داخلي واسع بفضل التفاف الشعب الفنزويلي حول دولته وبدعم واضح من قوى إقليمية ودولية كروسيا والصين ودول أخرى ترى في الهيمنة الأمريكية خطرا على النظام العالمي برمته

إن العقوبات والتهديدات ليست سوى وجه آخر لحرب غير معلنة على فنزويلا حرب تهدف إلى كسر إرادة شعب يرفض أن يكون تابعا وتدمير تجربة سياسية تسعى للحفاظ على السيادة الوطنية والثروة القومية لكن الحقيقة التي تحاول واشنطن إنكارها أن الشعوب الحرة قادرة على الصمود وأن أدوات الضغط مهما تنوعت لن تستطيع إطفاء جذوة الاستقلال

ويبقى الدرس الأهم أن ما تتعرض له فنزويلا اليوم قد يتكرر مع أي دولة تختار الاستقلال عن بيت الطاعة الأمريكي وهو ما يضع على عاتق المجتمع الدولي مسؤولية كبرى في مواجهة هذه السياسات التي تهدد السلم العالمي وتعيد إنتاج الاستعمار بوجه جديد

 

القاهرة 20 أغسطس 2025

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى