
عبد اللطيف المناوي : نهاية درامية لحرب ال12 يوم ..نهاية فصل لتصعيد مفتوح !
كتب الإعلامي عبد اللطيف المناوي معلقا على التدخل الأمريكي لإيقاف الحرب بين إسرائيل وإيران قائلا :
اللافت فى اتفاق وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل ليس مضمونه بقدر ما هو شكله؛ إذ لم يُدوَّن فى وثيقة رسمية، بل جاء شفهيًا، بضمانة شخصية، ما أثار موجة تشكيك داخل بعض الدوائر الإيرانية، خصوصًا فى ظل منح تل أبيب مهلة تمتد 12 ساعة بعد دخول الاتفاق حيز التنفيذ، وهى مهلة فُسّرت إيرانيًا كفرصة محتملة لخرق الاتفاق من الجانب الإسرائيلى.
ورغم الشكوك، احتفت وسائل الإعلام الإيرانية بالهدنة، ووصفتها بأنها «نصر مفروض على العدو»، مشيرة إلى أن صمود الشعب وردود الحرس الثورى الصاروخية أجبرت الولايات المتحدة على التراجع والضغط من أجل وقف إطلاق النار. فى المقابل، تبنّى ترامب الرواية الأمريكية بالكامل، إذ نشر خطابًا مطوّلًا على منصته «تروث سوشيال»، أعلن فيه بدء وقف إطلاق النار الكامل بعد 24 ساعة، بعد مرحلتين متعاقبتين من تهدئة أحادية الجانب تبدؤها إيران، ثم تليها إسرائيل. وقدّم ترامب الاتفاق على أنه إنجاز شخصى، قائلًا إنه أنقذ الشرق الأوسط من حرب طويلة مدمرة، واصفًا نفسه بـ«رجل السلام».
الخطاب لم يتطرق صراحة إلى أى آفاق لمفاوضات نووية مستقبلية مع طهران، على الرغم من تسريبات نقلتها صحيفة واشنطن بوست عن مسؤولين أمريكيين تُلمّح إلى وجود توجه نحو إعادة فتح هذا المسار.
فى خلفية هذه التسوية، لعبت قطر دور الوسيط الأساسى، لكن الضربة الإيرانية التى استهدفت قاعدة «العديد» الأمريكية، وضعت علاقتها بطهران تحت ضغط غير مسبوق. الدوحة استدعت السفير الإيرانى، ووصفت الهجوم بأنه «انتهاك لسيادة الدولة». طهران أكدت أن الضربة لا تستهدف قطر «الصديقة»، بل هى «رسالة لأمريكا فقط».
هذا التوتر العابر عكس بدقة حساسية الموقع الذى وجدت قطر نفسها فيه: دولة حليفة لأمريكا، وفى الوقت نفسه وسيط موثوق لدى إيران. كانت المسافة بين الدورين ضيقة وحرجة.
سياسيًا، كما فى حبكات الدراما، ليست كل النهايات حاسمة. ورغم الإعلان عن وقف «كامل وشامل» لإطلاق النار، فإن استمرار الاغتيالات والضربات والتصريحات المتناقضة يشى بأن ما جرى لم يكن نهاية للصراع، بقدر ما كان هدنة مؤقتة فرضتها ضرورات اللحظة. فلا نص مكتوب، ولا ضمانات دولية، ولا أفق سياسى واضح. فقط تعب متبادل.
الاتفاق أتاح لكل طرف أن يخرج بروايته الخاصة: إيران ترى فيه ردًا حاسمًا فرضَ شروطها على الجميع، إسرائيل تروّج أنه جاء بعد توجيه «ضربة مؤلمة» للعدو، أما الولايات المتحدة فتسوّق نفسها كقوة سلام ورعاية استقرار. لكن الحقيقة الأبعد من الشعارات أن أحدًا لم يحقق نصرًا صافيًا، كما أن أحدًا لم يخرج مهزومًا بالكامل. لقد كان الاتفاق تجنبًا جماعيًا لهزيمة محتملة، أكثر من كونه انتصارًا لأحد.
ويبقى السؤال الأهم: هل تنجح هذه الهدنة الهشّة فى إعادة الأطراف إلى لعبة الردع غير المباشر، أم أن ما شهدناه هو مجرد نهاية فصل، تمهيدًا لموسم جديد من التصعيد المفتوح؟!